بدأ الإنتاج الدرامي في العالم العربي ينجذب بسرعة نحو نمط جديد من الأعمال المفضلة لدى جمهور المنصات الرقمية، وأدى ذلك إلى توسع كبير في تقديم مسلسلات قصيرة تتراوح من خمس وعشر حلقات دون تقيّد بتوقيتات موسمية محددة، مع توجه متزايد نحو طرح قضايا أكثر عمقا تتشارك فيها جهات إنتاج متعددة.
وظهر التغيّر في نمط المسلسلات التي قدمتها منصة شاهد مؤخرا، وأبرزها “وش وضهر” و” منعطف خطير” و”الثمانية”، مع اتجاه بعض ورش الكتابة والمؤلفين والمنتجين إلى إعادة صياغة المحتويات المقدمة لتتماشى مع طبيعة دور المنصات، ما يشكل تهديدا مباشرا على موسم رمضان صاحب النمط الدرامي الطويل وإفساح المجال لرؤية دورة إنتاجية مستمرة على مدار العام.
وتقود منصة شاهد السعودية تطورا على مستوى المضمون المعروض، وتسير على طريق نماذج مماثلة تقدمها منصات نتفليكس وأمازون التي شهدت رواجا في الآونة الأخيرة عقب تقديم أعمال تعالج قضايا متنوعة تهم الجمهور.
ومن المتوقع أن تسير منصة “ستارز بلاي أرابيا” على النهج ذاته مع استحواذ شركتي رؤية الإمارات والقابضة “إي.دي كيو” على حصة الأغلبية فيها، واتجاه منصة “وتش إت” المصرية للمزيد من التوسع بعد بدء تقديم الإنتاج الدرامي الخاص بها.
وتقضي طبيعة عمل المنصات الرقمية المعنية بتقديم كل ما هو جديد بضرورة مجاراة رغبات الجمهور الذي يدفع اشتراكا شهريا لمشاهدة محتوياتها، وتوقف ظاهرة المط والتطويل التي كانت سببا في عطب كثير من الأعمال المقدمة في موسم رمضان.
وأصبح عدد الحلقات ومدتها الزمنية مرتبطا بالحكاية الفنية والحبكة الدرامية المقدمة وليس أيام الشهر المعروض فيها، ما يقود إلى رغبة دائمة في تقديم نوعية خاصة من الأعمال ذات الألوان الجديدة التي تولد أفكارا إبداعية كانت غائبة حتى وقت قريب.
ودفعت هذه الأسباب الكثير من شركات الإنتاج العربية للاتجاه نحو التعاقد مع المنصات الرقمية لتقديم أعمالها، وأخذ سوق الدراما تتشكل ملامحه وفقا لنمط مختلف عما ساد على مدار العقود الماضية، ظهرت معالمها في الطفرة الظاهرة على مستوى الأعمال التي تقدمها بعض شركات الإنتاج اللبنانية والسورية.
كما أن المنصات ذاتها حينما اقتحمت سوق الدراما العربية ذهبت مباشرة إلى مخاطبة السوق الأردني عبر مسلسلي “الجن” و ”مدرسة الروابي للبنات” اللذين قدمتهما منصة نتفليكس، التي أجرت تقييما أكد لها أن هذه النوعية من الأعمال ستلقى رواجا.
وأكدت الناقدة الفنية فايزة الهنداوي أن الأعمال القصيرة ترسخ أقدامها مع الوقت، وتبدو منسجمة مع إيقاع العصر، وحققت نجاحات خلال فترة وجيزة، لكن ذلك لا يعني أن الدراما الطويلة سوف تفقد عرشها، لأن قطاعا كبيرا من الجمهور ما زال يرتبط بالتلفزيون ويميل إلى مشاهدة الأعمال المعروضة على شاشته، وإن كان ذلك سيواجه انحسارا في معدلات المشاهدة المرتفعة التي حققها من قبل.
ومن الواضح أن عددا من النجوم أدركوا أن معادلة المنصات الرقمية باتت رابحة، وأن هناك اتجاها لدى كثير ممن اعتادوا تقديم أعمال في موسم رمضان نحو تقديم أعمال أخرى على مدار العام.
ويستعد الفنان المصري أحمد السقا لتصوير مسلسل “وزن الريشة” وتدور أحداثه في ثماني حلقات، وهو التجربة الأولى للسقا مع دراما المنصات الرقمية. ويشارك الفنان أحمد رزق في بطولة مسلسل “حرب الجبالي” الذي بدأ تصويره في لبنان. ويقوم الفنان طارق لطفي ببطولة مسلسل “الدفعة”. وقاربت الفنانة أروى جودة على الانتهاء من تصوير “حرب نفسية” وجميعها من المقرر عرضها على منصات رقمية قريبا.
ق/ث