افتتحت العروض على ركح الأيام الوطنية للمسرح عز الدين مجوبي بعزابة على عرض شرفي تونسي لديودرام “رهين الأسوار” الذي شد أنظار المتابعين والحضور، وضيوف الشرف من قامات المسرح الوطني.
وتجسد القصة في شكل عرضي “ديودرامي” الذي يعتبر تجربة أولى وفريدة في المنطقة المغاربية، وهي تروي أحداث شاب مثقف تونسي تعرض للتعذيب أيام الثورة التونسية ما تتسبب له في الجنون، ليعود هائما على
وجهه، في حين أن والدته عانت الكثير وتسبب لها في العمى، من كثرة حزنها وبكائها فلذة كبدها وأوجاع وآلام فقدانه الطويل، لتنطلق أطوار العرض المرح في التطرق لمشاهد رمزية قوية عن الواقع العربي بشكل عام، منطلقه رمزية المادة في المجتمعات العربية ودلالاتها السوسيولوجية، وخلال عملية بحث “الشاب عبد الكريم” عن ذاته والذي مثله باقتدار الممثل التونسي عبد الجليل طالبي، يتخطى حالة التيه والجنون بصوت الأم التي تعزز استحضار الكتاب، الذي يعيد الفتى المثقف إلى وعيه من خلال ولادة جديدة للإنسان العربي، وفق معايير الأصالة والعودة إلى الذات.
وفي هذا السياق، يقول مخرج المسرحية الأستاذ المسرحي صدوق صدام إن ظاهر القصة بين أم وابنها، حيث أن للأم مشاغلها وآلامها وأوجاعها والابن كذلك له مشاغله وهمومه، ولكن في الأخير يلتقيان ليتغلبا على هذه الآلام، حيث أن الابن المثقف الذي تغرب، وتألم وعاد إلى أصوله في قضية تعالج الوضع العربي بصفة عامة، هل نحن مع الحداثة والانفتاح أم نحن مع الأصالة والبقاء على أصولنا العربية والإسلامية، وهي قصة قصيرة نعيشها في أي بلد عربي بين أم فقدت ابنها وابن يحاول العودة إلى أمه، لتكون الولادة الجديدة للابن من وطنه الأم.
وتعد هذه الأيام المسرحية التي جاءت لتخليد روح عملاق المسرح الوطني الشهيد عز الدين مجوبي، ثمرة جهد جمعية أحرار المسرح لعزابة التي أبت إلا أن تكرس هذه التظاهرة الفنية في الأجندة الثقافية المحلية والوطنية والمغاربية، بحضور سبع فرق متنافسة على الألقاب الستة التي طرحتها الجمعية أمام الأعمال الفنية التي تم تأهيلها للمنافسة، والتي ستحتضنها قاعة المسرح بدار الشباب بعزابة، القاعة التي شهدت انطلاقة قوية بحضور جماهيري كبير لتخليد ذكرى الراحل مجوبي والوقوف على تكريم عمالقة الفن الجزائري من الممثلة بهية راشدي، والممثل الفكاهي محمد حزيم، والفنانة القديرة فتيحة سلطان والفنانة المخضرمة نادية طالبي، إلى جانب الكاتب المسرحي أحسن ثليلاني والممثل مولود شريفي من ولاية سكيكدة، الذين أبوا إلا الحضور ومشاركة محبي أبي الفنون في هذه التظاهرة المسرحية التي استقطبت إحدى الفرق العريقة من الجمهورية التونسية جمعية قدماء المسرح بالقيروان لتوقيع افتتاح ركح الطبعة الثانية بعمل مسرحي شرفي للمخرج الكبير صداق صدام، حمل عنوان “رهين الأسوار” إلى جانب مشاركة ست فرق من مختلف ولايات الوطن التي ستتنافس على التتويج بجوائز التظاهرة والمتمثلة في كل من جائزة عز الدين مجوبي الذهبية والفضية والبرونزية، وجائزة لجنة التحكيم التشجيعية وجائزة أحسن أداء نسائي وأحسن أداء رجالي.