المسرحية جسدت الصراع الاجتماعي بين الخير والشر…. “ألعب لعبك” تبهج الجمهور العزابي في أول عرض يدخل المنافسة

elmaouid

تتواصل فعاليات الأيام الوطنية عز الدين مجوبي للمسرح بدار الشباب عزابة بولاية سكيكدة تحت شعار “وما زالت الحافلة تسير…” التي تنظمها جمعية الفنانين الأحرار للمسرح في الفترة الممتدة من 16 إلى 20 فيفري الجاري.

 وافتتحت المنافسة على جوائز التظاهرة جمعية اتفاق القلوب من المسيلة بالعرض المسرحي “ألعب لعبك” الذي جمع بين الهزل والجد في طرح قضية الصراع الاجتماعي بين طالبي الثروة والمسؤولية والنفوذ والانتهازية على ظهور مريدي الدروشة وطقوس العبودية، أمام الطبقة المستنيرة في المجتمع من نخبة مثقفة شاعرة ورمزية المواطن الصالح الذي يبحث عن الأصالة والتمسك بالأخلاق الفاضلة.

العرض المسرحي دخل المنافسة بأداءات تمثيلية لمسرحيين مسيليين من جمعية اتفاق القلوب، حاولوا تجسيد الصراع الاجتماعي في المجتمع بين محبي النفوذ والمال ومعاني الفساد، الذي جسده الممثل الشاب ماسينيسا قبايلي، وكذا عقلية الدراويش والعبودية والانقياد التي مثلها الثلاثي “بوترعة علاء وكمال جفال ورابح عمرون” من جانب، والنخبة المجتمعية في شقيها من النخبة المثقفة، والمواطنين الصالحين الذين يعملون على أن يكونوا جزء من ضمير المجتمع..

مخرج المسرحية الشاعر حسين قبايلي أكد لـ “الموعد اليومي” على هامش العرض أن القصة هي قراءة لذهنية تسود مجتمعات العالم الثالث المتخلفة التي تعتبر المال والسلطة أساس العيش الرغيد، بينما الأفكار النيرة والأخلاق العالية يمكن الاستغناء عنها وتأتي بعد أن يشبع الفرد من غرائزه الحيوانية.

وأضاف أن مسرحية “ألعب لعبك” لمؤلفها عيسى شريط، هي نظرة لأشكال تهميش للفرد المثقف بكل قوة.

وأفاد المتحدث أن مشاركة فرقة “اتفاق القلوب” في الأيام المسرحية لعز الدين مجوبي، تعتبر تحديا، خاصة أن المنافسة قوية ومميزة.

وأوضح بأن المسرحية وظفت ديكورا بسيطا بالنظر للإمكانيات المادية القليلة المتاحة للفرقة، وعملت على توفير المعاني التراثية والتقاليد التي تعرف بها منطقة الحضنة، من خلال موسيقى العرض.

 

“نون” تحاكي صراع القلب والروح والضمير

وفي عرض ثانٍ وبأداء مميز جسدت مسرحية “نون” للجمعية المسرحية “الهواء الطلق” لبودواو، صراع العقل والضمير والقلب في مكان مجهول.

واعتمدت المسرحية على ثلاثية تمثيلية جسدها في دور القلب صاحب النص الممثل الموهوب وليد عبد اللاهي، ودور الضمير الذي أداه باقتدار الممثل الشاب محمد بريك شاوش الذي قام بتصميم سينوغرافية العرض، والعقل الذي قام بتجسيده رئيس جمعية الهواء الطلق لبودواو غانم فريد.

وقد اعتمد الممثلون في المسرحية على أسلوب الحوار المشحون بين معاملات النفس البشرية الذي يهدف إلى الخلاص من التيهان الذي أوجدتهم فيها “نون” التي بقيت طيلة العرض مجهولة الجنس والشكل والعمر والأوصاف.

وتزداد حدة الصراع على مدار أحداث العمل الدرامي، الذي يتغلب فيه القلب تارة مستندا على الذكريات المخلدة لنون ومعاني خيالاتها، وتارة يبرز فيها الضمير الذي تتقاذفه الأحاسيس والعاطفة لترمي به صديقا للقلب ووفيا للذكريات التي يحتفظ بها وتارة مقربا لصرامة العقل وموضوعيته في لوم “نون”.

وترتفع حدة رمزية الخطاب عند حديث العقل الذي يمسك بخيوط أي أمل يجود به القلب أو الضمير. ووظفت المسرحية ديكورها الذي يرمز لمكان مهجور ومجهول، بشكل كبير على كل ما اتيح لها من مساحة على ركح مسرح دار الشباب لعزابة.

واعتمد المخرج على الإضاءة بشكل ملفت خلال حوارات ثلاثية العقل والضمير والقلب الذين وجدوا أنفسهم أمام نهاية واحدة وهي الموت على خيال نون، حيث تعطش القلب للماء والدواء الذي احتفظ به العقل لذاته رغم توسلات الضمير، إلا أن الموت لم تشفع له، لينتحر الضمير ألما لفقدان القلب والذكريات.

وفي الأخير، يلقى العقل مصرعه بعد بقائه وحيدا في وحشة وتيهان دون قلب أو ضمير، وبعد خداع وكذب ونفاق عيّشتهم فيه نون لتوقعهم في دائرة محكمة الاغلاق نهايتها موت يتبعها سكون.

وعلى هامش العرض الذي أخرجه للركح هشام كيحال، صرح وليد عبد اللاهي أن مسرحية “نون” التي ألفها تجسد الصراع بين القلب والعقل والضمير وهو خطاب روحي لجثة عاشت قصة نون، التي لم تتجل إن كانت هي أم هو أو اسم أو حرف، إلا أنها شيء ذو معنى رمزي اختير بشكل عشوائي وبليغ، حتى أن متناقضات الحوار بين القلب والعقل والضمير منبعها طبيعة كل عنصر بشري، لنحاول في الأخير محاكاة الصراع الروحي.