المستشفيات أوقفت عمليات الزرع بسبب فيروس كورونا.. 10 آلاف مصاب بالفشل الكلوي يطالبون بعمليات الزرع

المستشفيات أوقفت عمليات الزرع بسبب فيروس كورونا.. 10 آلاف مصاب بالفشل الكلوي يطالبون بعمليات الزرع

تمكنت الجزائر منذ بداية جائحة كورونا من إجراء أكثر من 25 عملية زرع كلى على المستوى الوطني.

ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلد بسبب الجائحة التي استدعت توقف نشاط عمليات زرع الكلى لفترة قصيرة، فقد أنجزت أكثر من 25 عملية زرع كلى لمرضى من مختلف مناطق الوطن على غرار باتنة وعنابة والجزائر العاصمة والبليدة، وأرجع الأطباء أسباب التوقف عن اجراء العمليات إلى إصابة أعضاء من الأطقم الطبية بفيروس كورونا وتجنيد البعض الآخر خلال هذه الجائحة.

وأكد البروفيسور شاوش أن الوكالة تعتزم خلال السنة الجارية، في ظل تحسن الأوضاع واستئناف نشاط مختلف المصالح المخصصة لزرع الكلى على المستوى الوطني، رفع عدد عمليات الزرع، مشددا في السياق ذاته على دور وسائل الإعلام في تحسيس المواطنين بأهمية التبرع بإحدى الكليتين، كما طمأن حول الكفاءات الطبية الجزائرية التي تقوم بعمليات زرع الكلى.

من جهة أخرى، أكد نفس المسؤول عدم تسجيل أية حالة عدوى أو وفاة في أوساط المرضى الذين استفادوا من عمليات زرع الكلى خلال السنتين الأخيرتين، وذلك بفضل المتابعة الصارمة والإجراءات الصحية التي يخضعون لها خلال فترة علاجهم، قائلا إنه “لا يحق لنا وضع صحة المريض في خطر”.

 

معاناة الانتظار

يعاني الآلاف من المصابين بالفشل الكلوي في الجزائر، من عدم قدرة المستشفيات على إجراء عمليات زرع الكلى، فلم يكن من خيار أمامهم غير الانتظار واللجوء إلى جلسات الغسل، التي لا تحلّ حالتهم المرضية.

ينتظر عشرة آلاف جزائري إجراء عمليات زرع كلى في المستشفيات، بعدما أخّر وباء كورونا العشرات ممن هم ضمن قائمة الأشخاص المصابين بالفشل الكلوي، عن تحديد مواعيد لإجرائها، في ظلّ معاناة الآلاف خلال جلسات غسل الكلى في انتظار التبرّع. وتتحدث سليمة عن حال ابنتها وفاء (10 سنوات) خلال جلسات غسل الكلى، وتصفها بالموت الأسبوعي.

موضحة أنّ ابنتها بدأت رحلة العذاب هذه قبل نحو سنتين. عملية غسل الكلى التي تجريها وفاء في مستشفى “نفيسة حمودي” في حسين داي بالعاصمة، ترهقها، كما ترهق والدتها التي ترافقها في كلّ جلساتها. وتتكبد الصغيرة عناء الانتقال من ولاية عين الدفلى إلى المستشفى للعلاج.

في هذا الإطار، تقول الطبيبة المتخصصة بأمراض الكلى، أحلام عرايبي، لـموقع “العربي الجديد”: “حياة المريض هي رهن جلسات غسل الكلى التي تُرهق الجسد، وقد يحتاج المريض إلى ثلاث جلسات في الأسبوع، وتتجاوز مدة الجلسة الواحدة أربع ساعات في اليوم الواحد، إن كان المرض مزمناً”. تضيف: “هناك أيضاً مشقة التنقل مسافات طويلة من ولاية إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، بهدف غسل الكلى”. وتشير إلى أنّه خلال أزمة الوباء، زادت معاناة عشرات مرضى الفشل الكلوي بسبب تأجيل عمليات زرع الكلى، إذ قررت وزارة الصحة تعليق العمليات الجراحية لتكون الأولوية لمحاربة الوباء، علماً أنّ الكثير من المرضى يحتاجون إلى زرع كلى.

وقبل نحو عام، أطلقت الجزائر برنامجاً وطنياً للتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء، خصوصاً بالنسبة للأشخاص المتوفين، إذ أعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أنّ عمليات زرع الأعضاء لا سيما الكلى ما زالت قليلة جداً بالمقارنة مع عدد المصابين بالفشل الكلوي، والذين قدّر عددهم بـ 26 ألف حالة وفق أرقام رسمية صدرت نهاية العام الماضي. كما أشارت إلى أنّ الجزائر تسجل نحو 3 آلاف إصابة بالفشل الكلوي سنوياً، في مقابل 10 آلاف مريض ينتظرون دورهم لإجراء عمليات زرع الكلى، وأكثر من 23 ألفاً من المرضى يخضعون لغسل الكلى.

وقال المدير العام للوكالة الوطنية لزرع الأعضاء حسين شاوش، إنّ هذا البرنامج سيساهم في تعزيز أهمية التبرع بالأعضاء كفعل خير ومواطنة، مؤكداً على ضرورة تكاتف جهود التوعية بأهمية التبرع لإنقاذ حياة المرضى، وتوعية المواطنين، خصوصاً من قبل أئمة المساجد. ويشير إلى أنّه “من الضروري أن يضع المواطن ثقته في الطبيب الجزائري، إذ سجلنا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري أكثر من 100 عملية زرع كلى، وكانت ناجحة بنسبة 99 في المائة”.

وكشف شاوش أنّ ما بين 400 و500 عملية زرع كلى تجرى في المستشفيات الجزائرية سنوياً، فيما تبلغ الاحتياجات السنوية للمرضى في الجزائر نحو 1500 عملية من هذا النوع سنوياً، مشيراً إلى أنّ السلطات الصحية لا تستطيع تأمين هذا العدد من المتبرعين. لذلك، وجبت توعية المواطنين حول أهمية التبرع بالأعضاء.

وقبل أربع سنوات، باشرت الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء في الجزائر، رصد ومعاينة وجمع أسماء الأشخاص الذين يبدون رغبتهم في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، وتقدم لهم بطاقة متبرع، إذ يسمح القانون الجزائري بالتبرع بالأعضاء، بشرطين أساسيين هما أن يكون المتوفى مسجلاً في السجل الوطني للتبرع بالأعضاء، وثانياً مراعاة موافقة العائلة إن كان الشخص متوفى. لذلك، تشترط المستشفيات أن يكتب الراغب في التبرع وصية بمراده قبل وفاته.

وتقول الباحثة الاجتماعية وسيلة أمقران، التي تعمل في المستشفى الجامعي “مصطفى باشا” إنّ الجزائريين عموماً يتخوفون من زرع الأعضاء والتبرّع بها، داعية إلى “توعية الناس حول أهمية إنقاذ الأرواح وما تخفيه من أبعاد إنسانية”، مضيفة أنّ الأمر ما زال يحتاج إلى جهود توعية أكبر من قبل السلطات ووسائل الإعلام ورجال الدين أيضاً، لحثّ الجزائريين على التبرع، خصوصاً من الناحية الصحية، إذ ليست هناك أيّ تأثيرات سلبية على المتبرعين.

 

استهداف إنجاز 100 عملية زرع كلى خلال سنة 2021

سطرت مؤسسة زراعة الأعضاء والأنسجة بولاية البليدة هدف إنجاز 100 عملية زرع كلى على مرضى الفشل الكلوي المزمن خلال سنة 2021، حسب ما كشف عنه القائمون على هذه المنشأة الاستشفائية.

وأوضحت في هذا الصدد منسقة النشاطات الاستشفائية على مستوى هذه المؤسسة الصحية العمومية، زينب العربي، أن مصالحها سطرت خلال السنة الجارية هدف إنجاز 100عملية زرع كلى بمعدل مرتين في الأسبوع وذلك في حال توفر متبرعين لهذا العضو الحيوي الهام.

غير أنه أوضحت أن هذا الهدف يبقى مرهونا بمدى تبرع أحد أقارب المرضى، مؤكدة أن المؤسسة تتوفر على كافة المعدات والوسائل وكذا الأطباء الأكفاء لإجراء هكذا عمليات جراحية.

وطمأنت في السياق الدكتورة العربي المواطنين بإمكانية عيشهم بكلية واحدة ودون أي خلل وظيفي، لافتة في السياق إلى أن المتبرع بإحدى كليتيه سيمنح فرصة الحياة للمريض الذي يعاني من فشل كلوي متقدم غير القابل للشفاء.

وأضافت أن المؤسسة ومنذ استئناف نشاطها مطلع السنة الجارية بعد توقفه بسبب جائحة كورونا، تمكنت من إنجاز 13 عملية زرع كلى لمرضى من مختلف ولايات الوطن على غرار المدية والجزائر العاصمة.

وأشارت إلى معاناة مرضى الفشل الكلوي المزمن خلال جائحة كورونا، إذ أصيب العديد منهم بعدوى الفيروس، موضحة أن المؤسسة التي تحولت لمدة 11 شهرا الماضية لاستقبال المصابين بوباء كوفيد-19، خصصت 48 سريرا لفائدة مرضى الكلى الذين كانوا يقصدونها لتلقي العلاج لمدة تتراوح ما بين العشرة والخمسة عشرة يوما.

وبهدف تحسيس أكبر عدد من المواطنين بأهمية التبرع بالكلى، قالت الدكتورة إن مؤسسة زراعة الأعضاء والأنسجة للبليدة عكفت على إنجاز توأمات مع العديد من مستشفيات الوطن على غرار باتنة والجلفة لتحسيس أطباء هذه المؤسسات بالعمليات الجراحية التي تقوم بها مؤسسة البليدة والتخصصات الطبية التي توفرها.

من جهته، تحدث مسؤول مصلحة الإنعاش والتخدير بذات المؤسسة، الدكتور شاطر فهد، عن معاناة مرضى الفشل الكلوي المزمن، مبرزا أن حياتهم تبقى متوقفة على جلسات تصفية الدم “المرهقة” التي يقومون بها ثلاث مرات في الأسبوع لمدة أربع ساعات في اليوم وأن شفاءهم مرهون بتبرع أحد الأقارب بهذا العضو الحساس.

يشار إلى أنّ القطاع الصحي يشهد تنسيقاً بين المستشفيات المعنية بزرع الكلى، إذ نفذت المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في زرع الأعضاء والأنسجة في البليدة، 100 عملية زرع كلى خلال العام الجاري، بعدما تعذّر الأمر العام الماضي بسبب فيروس كورونا، إذ أجريت 25 عملية فقط على المستوى الوطني. وتتوفر في المستشفى معدّات وكوادر طبية تتولى إجراء عمليات زرع الكِلى. وكشفت المنسقة العامة للنشاطات الطبية على مستوى المؤسسة الطبية الدكتورة زينب العربي، أنّ الجزائر تتجه لإجراء عمليتين أسبوعياً في حال توفر المتبرعين.

رفيق .أ