عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة” صححه الألباني. المساجد مراح ومستراح للأرواح الرفرافة الطاهرة، ومأوى ومستقَر للأجساد العابدة، وموطن طمأنينة ومكان سكينة للقلوب النقية، وموضع سعادة وأنس وجمال للنفوس المطمئنة، إنها بيوت الله في الأرض، التي لا يتعلق بها قلب مخلص إلا كان علامة على تقواه، ولا يلازمها عبدٌ صالح إلا رفع الله شأنه، وطهَّر قلبَه، وغلب أعداءه. من مواضع السجود فيها خرج العابدون، ومن مدارسها نبغ العلماء العاملون، ومن جوانبها خرجت ثورات الأمة على كل ظالم جبار مفتون. قال تعالى ” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” النور: 36 – 38. وقال عز وجل ” إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ” التوبة: 18. قال صلى الله عليه وسلم “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: – فذكر منهم – ورجل قلبه معلق في المساجد” رواه البخاري، فلما آثر طاعة الله تعالى وغلب عليه حبُّه؛ صار قلبه معلقًا في المساجد، ملتفتًا إليها يحبها ويألفها؛ لأنه يجد فيها حلاوة القربة، ولذة العبادة، وأنس الطاعة، ينشرح فيها صدره، وتطيب نفسُه، وتقر عينه، فهو لا يحب الخروج منها، وإذا خرج تعلق قلبه بها حتى يعود إليها. والمكث في المساجد من أعظم أسباب تكفير السيئات ورفع الدرجات؛ ففي الحديث الشريف: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط” رواه مسلم.