المسألة الثقافية في الجزائر… دراسة تاريخية نقدية

المسألة الثقافية في الجزائر… دراسة تاريخية نقدية

صدر عن “سلسلة قضايا” في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كتاب المسألة الثقافية في الجزائر: النخب ـ الهوية ـ اللغة (دراسة تاريخية نقدية)، لأستاذ التاريخ المعاصر، د.ناصر الدين سعيدوني، الحاصل على الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية من كلية الآداب بجامعة إيكس-آن-بروفانس في فرنسا. وقد جاء الكتاب في 664 صفحة من القطع المتوسط.

وبدأ، سعيدوني، الكتاب، بتمهيد سعى فيه لتحديد إطار البحث، وهو “رصد الفعل الثقافي الجزائري بسلبياته وإيجابياته، في فترة الاستقلال، مع التركيز على رؤية نابعة من الداخل، تُثمن الإرث الثقافي الوطني، وتُفعل الرصيد التاريخي الثقافي الجزائري، أملًا برسم صورة صادقة للواقع الثقافي الذي يتحكم اليوم في صيرورة المجتمع الجزائري وبمآلات الدولة الوطنية الحديثة في الجزائر”. ص (26)

وقدم، الكاتب، نظرة في الكتابات السابقة بشأن المسألة الثقافية في الجزائر، كما عمل على تحديد المفاهيم والمصطلحات والتعابير المحددة للمسألة الثقافية في الجزائر، فقدم عرضا مختصرا لأربعة مفاهيم وهي: الثقافة واللغة والهوية والوطنية.

وعالج، القسم الأول، مسألة السياسات الثقافية الاستعمارية، في الجزائر، وما ترتب عنها من ردة فعل معاكسة، تمثلت في حركة الإحياء الجزائرية في صورتها التقليدية والحداثية..

وجاء، المحور الثاني، لدراسة الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا الاستعماريتين، ودورهما في تفخيخ الهوية الجزائرية، حيث ألقى، سعيدوني، حزمة من الأضواء على الخطة، التي وضعها الاستعمار الفرنسي، لتدمير الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري، وتحطيم انسجامه الإثني، وإنكار هويته الحضارية، من خلال إضعاف شعور الجزائريين بانتمائهم العربي والإسلامي، ووضع أسس قومية بربرية، أرادوا لها أن تكون مرتبطة بفرنسا فكرًا وثقافة، وقد عرفت هذه السياسة لاحقًا بـاسم “الأسطورة البربرية”.

في الفصل الثاني “الحركة الوطنية الجزائرية: التيارات السياسية الجزائرية المؤسسة للمسألة الثقافية” استعرض، سعيدوني، الوضع الثقافي في الجزائر قبل الثورة والاستقلال، وذلك بالرجوع إلى برامج التيارات السياسية المكوّنة للحركة الوطنية الجزائرية، والتي يمكن التعرف، من خلال مواقفها المختلفة، إلى تناقضات المشهد الثقافي الجزائري، التي أسست للانشطار والتصادم، اللذان لا يزالان يطبعان النخب الثقافية من حيث تصورها ومنظورها الإيديولوجي إلى اليوم.

أما المحور الثالث، فقد استعرض فيه، سعيدوني ثلاثة حوادث لخص فيها المواقف السياسية في جزائر ما قبل الثورة، بما لها من انعكاسات على المسألة الثقافية، وهي: المؤتمر الإسلامي (1936)، بيان الشعب الجزائري (1943)، وحوادث 8 ماي (1945)، حيث كانت، هذه الحوادث بمنزلة محطات التقاء وافتراق في الحركة السياسية الجزائرية.

وفي الفصل الثالث “الثورة التحريرية، وإشكالية الثورة، والثورة المضادة” سعى، سعيدوني، لتحديد معالم الفضاء الثقافي الجزائري، وطبيعة الفاعلين فيه من المثقفين، الذين كان لهم دور في التأثير في المشهد الثقافي، وذلك بطرح إشكالية الثورة والثورة المضادة منطلقًا للمسألة الثقافية، بالإضافة إلى تناول تعامل منظومة الحكم الرسمية في الجزائر مع الشأن الثقافي.

ركز، سعيدوني، على مفهوم الثورة المضادة، التي كانت بمثابة عملية استرجاع للماضي الاستعماري، تعاكس ما حققته الثورة من مكتسبات، لما لها من دور محوري في رسم ملامح المسألة الثقافية في الجزائر.

ب-ص