إذا كان فضل الدول العربية كبيرا و لا يقدر بثمن على الثورة الجزائرية، فإن لهذه الأخيرة فضلها على العرب كذلك، و الذي تمثل في توحيدها للحكومات العربية حول قضيتهم المصيرية آنذاك و المتمثلة في ” القضية الجزائرية”، و تعتبر جامعة الدول العربية الإطار الذي جمع العرب حول القضية الجزائرية.
و الواقع أن جامعة الدول العربية اهتمت منذ نشأتها سنة 1945 بالتطورات التي تشهدها الساحة الجزائرية، فقد صادف ظهورها حدوث مجازر الثامن ماي 1945، فتدخلت لدى سفيري الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا بالقاهرة، و لفتت نظرهما لخطورة الوضع في الجزار، و من جهتها اهتمت الحركة الوطنية الجزائرية ممثلة في حركة الانتصار للحريات الديمقراطية بربط علاقات متينة بجامعة الدول العربية من خلال إنشاء بعثة بالقهرة، تضمن الاتصالات مع الجامعة العربية و لجنة تحرير المغرب العربي.
كما أصبحت القضية الجزائرية منذ سنة 1955 قضية أساسية في جدول أشغال وراتها، وللأهمية التي تكتسيها الجامعة بالنسبة للوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني من أجل الولوج إلى باقي الدول العربية طلبا لمزيد من الدعم و المساندة، فقد ثابر على الاتصال بها، و هو ما سيمكن الحكومة المؤقتة فيما بعد من نيل منصب عضو مراقب فيها.
و بفضل التنسيق المحكم بين ممثل الجزائر بنيويورك السيد محمد يزيد والمجموعة العربية، تمكنت القضية الجزائرية من الإحراز على أول لائحة في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1957، إذ أوصت بضرورة الحل السلمي للقضية الجزائرية و هو ما عد من طرف جبهة التحرير الوطني اعترافا ضمنيا بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.
و قد عبرت جامعة الدول العربية في مؤتمرها بالدار البيضاء المغربية سبتمبر 1959 عن قلقها من الوضع المزرى الذي يعيشه الشعب الجزائري. وأكدت على حقه في تقرير مصيره و الاستقلال.