تلاحظ النساء بعض التغييرات في أجسادهن بسبب بلوغ الأربعينيات، وقد يبدأن في الاهتمام باتباع نمط الحياة الصحية أكثر أهمية مما كن عليه في العقود الماضية من أعمارهن.
تحتاج المرأة بعد بلوغ سن الأربعين إلى معلومات واضحة عن عملية انقطاع الطمث ونهاية سنوات الإنجاب، والتغيرات البدنية والنفسية المرافقة، وكيفية حصولها بطريقة طبيعية، والخيارات العلاجية لأي من الأعراض المرافقة إذا تسببت بالإزعاج. وذلك ليس فقط لتخفيف القلق والتعب البدني والنفسي، بل لتهيئة الجسم لعيش المراحل التالية من العمر بحالة صحية عالية.
تغيرات جسدية ينبغي التأقلم معها
تحدث عادة بعض التغيرات الجسمية للنساء في سن الأربعين، ويقول الأطباء بوجود طرق يمكن للمرأة من خلالها علاج هذا التغيير وتخفيفه وحتى استيعاب حدوثه في حياتها.
اضطرابات الدورة
لا تعتبر المرأة «في سن اليأس» إلاّ بعد مرور عام على آخر دورة شهرية، ويحدث ذلك بتوقف المبايض عن إطلاق بويضة كل شهر، وتوقف الحيض، وانخفاض إنتاج المبيضين لهرمون الأستروجين. وتفيد المصادر الطبية أن متوسط العمر الطبيعي لبلوغ سن اليأس هو 50 سنة. ولكن يُعتبر انقطاع الطمث “سابقاً لأوانه” إذا حدث قبل سن 40 عاماً، و”مبكراً” إذا حدث بين سن 40 و45 عاماً.
والمهم للمرأة في فترة ما بعد الأربعين، هو “فترة ما حول انقطاع الطمث” التي تستغرق عادة عدة سنوات (في المتوسط ما بين 4 إلى 8 سنوات). والسمة الرئيسية خلال هذه المرحلة هي اضطراب عمل المبايض في إفراز هرمون الأستروجين، مما يؤدي إلى تقلبات مستوى هرمون الأستروجين، وخلالها تعاني العديد من النساء من عدة أعراض، كعدم انتظام الدورة الشهرية، أو الهبات الساخنة، أو التعرق الليلي، أو اضطراب النوم، أو خفقان نبض القلب، أو ألم الثدي، أو فقدان امتلاء الثدي، أو جفاف المهبل، أو جفاف الجلد، أو تكرار التبول، أو التقلبات النفسية العاطفية والمزاجية. وفي مراحل متقدمة، تظهر مزيد من الأعراض مثل: سهولة الشعور بالتعب، والاكتئاب، والصداع، وآلام المفاصل والعضلات، وزيادة الوزن، وتساقط الشعر، والبرود الجنسي. وتجدر ملاحظة أنه رغم عدم انتظام دورات الحيض الشهرية في هذه الفترة، فإن الحمل أمر ممكن. هذه الأمور كلها تتطلب متابعة المرأة مع الطبيب.
زيادة الوزن
تعد السمة الأبرز والأهم صحياً بعد بلوغ المرأة سن الأربعين، هو أن عمليات التمثيل الغذائي والتفاعلات الكيميائية الحيوية للسكريات والدهون والبروتينات، تبدأ في التباطؤ. وبالتالي، مع تقدمها في العمر، تقل كفاءة إنتاج جسمها للطاقة بشكل ملحوظ، ومن ثم ارتفاع احتمالات زيادة الوزن وتراكم الشحوم في الجسم.
وحتى إذا لم يتغير روتين أنشطتها اليومية وممارستها للرياضة عما كانت عليه من قبل، فإن كمية السعرات الحرارية التي ستحرقها في كل يوم ستكون أقل. وهذا يؤدي إلى انخفاض إنتاج الطاقة، وارتفاع تحول السعرات الحرارية غير المحروقة (من الأطعمة) إلى دهون تتراكم في مناطق شتى من جسم المرأة، وقد تحتاج المرأة إلى تناول سعرات حرارية أقل للحفاظ على وزن صحي، وتساعد التمارين الرياضية في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري، ويمكن أن تسبب تغييرات في تكوين الجسم، لكنها ليست كافية للتسبب في فقدان الوزن.
وصحيح أن العلاج بسيط كما تفيد المصادر الطبية، ولكن البساطة ليست سهلة دائماً. ما يتطلب زيادة قوة الإرادة أيضاً، حيث تنصح تلك المصادر الطبية بأنه يجب أن يتغير نظام المرأة الغذائي بشكل كبير. ولذا سيساعد المرأة بعد الأربعين تناول أطعمة بكميات سعرات حرارية أقل، على الحفاظ على وزنها ومستويات الطاقة التي كانت تتمتع بها في سن أصغر.
هشاشة العظام والتعرض للكسور
هشاشة العظام، هو ضعف العظام وفقدان كثافتها، وهي مشكلة صحية شائعة لدى النساء. تحدث غالباً عندما يفرز جسم المرأة كمية أقل من هرمون الأستروجين الضروري لصحة العظام. ويعتبر فقدان كمية صغيرة من العظام بعد سن 35 عاماً أمراً طبيعياً لدى النساء. ولكن خلال أول 4 إلى 8 سنوات من فترة انقطاع الطمث، تفقد النساء كتلة العظام بسرعة أكبر، وتحدث هذه الخسارة السريعة بسبب انخفاض مستويات هرمون الأستروجين، وإذا فقدت المرأة الكثير من العظام، فقد يزيد ذلك من خطر الإصابة بهشاشة العظام. وتزيد هشاشة العظام من خطر الإصابة بكسور العظام، وغالباً ما تتأثر به عظام الورك والرسغ والعمود الفقري.
وقد يوصي الطبيب بتناول دواء للوقاية من هشاشة العظام أو علاجها، كما قد يصف مكملات غذائية بفيتامين “د” للمساعدة على تقوية العظام. ولذا في الأربعينيات من العمر، قد يكون من المفيد تناول الطعام الجيد من الخضروات والأسماك الدهنية والأطعمة الغنية بالأستروجين النباتي، بالإضافة إلى اعتناء المرأة بنفسها من خلال الحصول على الكثير من فيتامين “د” وممارسة التمارين الرياضية. كما تجد العديد من النساء أنه من المفيد أيضاً البحث مع الطبيب في العلاج بالهرمونات البديلة، حيث يمكن أن يساعد تعويض الأستروجين المفقود في الحفاظ على صحة العظام.
جفاف المهبل
ترتبط التغيرات المهبلية والتغيرات في المسالك البولية مع انخفاض مستويات هرمون الأستروجين، وقد تصبح بطانة المهبل أرق وأكثر جفافاً وأقل مرونة، وقد يسبب جفاف المهبل الألم أثناء الجماع.
كما قد تحدث العدوى المهبلية بسهولة أيضاً في كثير من الأحيان، ويمكن أن يصبح مجرى البول جافاً أو ملتهباً أو متهيجاً، ويمكن أن يسبب هذا كثرة التبول ويزيد من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية.
وينصح الأطباء للتخفيف من الجفاف المهبلي، ويمكن وضع الأستروجين موضعياً في المهبل باستخدام كريم مهبلي، أو قرص، أو حلقة. ويطلق هذا العلاج كمية بسيطة فقط من الأستروجين، الذي تمتصه الأنسجة المهبلية. ويمكنه المساعدة في التخفيف من الجفاف المهبلي، ومن الشعور بالضيق عند الجماع، ومن بعض الأعراض البولية.
تساقط الشعر
تفقد نسبة ضئيلة من النساء ما يكفي من الشعر للتسبب في ظهور بقع صلعاء «صغيرة» في فروة الرأس. ولكن في الأربعينيات من العمر، وإضافة إلى تغير لون الشعر وظهور خصلات من الشيب، ستعاني معظم النساء من تساقط الشعر قليلاً. ويلعب هرمون الأستروجين الأنثوي دوراً مهماً في ضمان نمو شعر النساء. وليس من المستغرب أن يزداد تساقط الشعر مع اقتراب المرأة من فترة بلوغ سن اليأس، ما يتسبب في انخفاض تدريجي في إنتاج الأستروجين، وبالتالي ضعف حيوية نمو وغزارة توفر الشعر.
ولتخفيف تساقط الشعر، يمكن للمرأة أن تقلل من تكرار غسل شعرها. وهذا السلوك سيسمح للزيوت الطبيعية التي تنتجها فروة الرأس، بتحسين حالة شعرها. وأيضاً قد يكون من المفيد جداً استخدام بلسم الشعر المغذي دائماً. إضافة إلى تقليل استخدام أدوات تصفيف الشعر التي تعتمد على الحرارة، وأيضاً تقليل استخدام المعالجات الكيميائية في أنواع صبغات الشعر غير الطبيعية. وربما تجدر مراجعة طبيب الجلدية في العمل لاستعادة نمو الشعر، حيث أظهر عقار مينوكسيديل بعض الفعالية.
ق.م