المديونية ليست حلا لمعالجة الأزمة الاقتصادية…. الجزائر تمتلك الوسائل الناجعة لإصلاح الاقتصاد

elmaouid

 لجزائر- أثار الخبير الاقتصادي آكلي موسوني عدة قضايا اقتصادية راهنة كانت وما تزال تشكل الشغل الشاغل للحكومات المتعاقبة على الجزائر أبرزها سياسة الإنعاش الاقتصادي والإنتاج الوطني وقواعد الأمن الغذائي وكل ما تعلق بفاتورة الاستيراد وطرق تحصيلها من خلال تفعيل إنتاج الموارد المستوردة بهدف ضخ العملة الصعبة في خزينة الدولة.

وتطرق آكلي موسوني الذي نزل ضيفا على منتدى ” الموعد اليومي” لموضوع الفساد والاستعمال اللاعقلاني للموارد البشرية والموارد المالية باعتبار أن الاقتصاد الوطني -بحسبه- أصبح مرهونا بسعر البترول بالرغم أنه يرى أن هذا الانخفاض لا يشكل عاملا سلبيا بل عاملا إيجابيا بإمكانه أن يكون حافزا للخروج من الأزمة العالمية شريطة أن تخفض الجزائر من فاتورة الاستيراد التي تتضاعف من سنة لأخرى بشكل خطير.

كما تطرق الخبير الاقتصادي إلى السياسة الفلاحية وكل ما تعلق بالبيئة، مبديا عدة ملاحظات أهمها قيمة 3 مليارات دولار التي أصبحت لا تستغل بالشكل الإيجابي في النفايات ناهيك عن 1،5 إلى ملياري (2) دولار التي هي الأخرى لا تستغل على النحو المناسب في الموارد الغابية.

وأسهب ضيف المنتدى خلال النقاش حول مسائل مرتبطة بالسوق الوطنية واختلال المعايير في الطلب والعرض ما جعل القدرة الشرائية للمواطن تختل في ظل القوانين العالمية غير الثابتة علاوة على الأسواق الموازية في ظل غياب قوانين الاستثمار الجادة أو ما يسمى بالسوق المعيارية نتيجة غياب عديد الميكانيزمات التي تؤطر الأسواق الوطنية التي أصبحت بمثابة عبء على الاقتصاد الوطني.

الضيف خلال نقاشه المستفيض تأسف من بعض الخبراء الذين لا يجيدون استشراف المستقبل بخصوص المديونية التي يرى فيها بأنها ليست حلا في معالجة الأزمة الاقتصادية خاصة وأن الجزائر بإمكانها أن تقاوم لمدة 3 أو 4 سنوات إضافية.

في الإطار نفسه، تحدث الضيف على قانون المالية 2017 المثير للجدل الذي قال فيه بالحرف الواحد ” يمكن أن نجعله في خانة دنيا الطرائف” بحجة أن كل القطاعات الاقتصادية في الجزائرية لا تعنيهم من هذا القانون سوى 8 بالمائة، الشيء الذي يرى فيه محدثنا بأنه أمر غريب في ظل هشاشة الاقتصاد الوطني.

كما أعاب الضيف على وزارة الفلاحة التي لا تملك إحصاءات دقيقية في عدة مجالات هامة في إطار سياسة الإنعاش الاقتصادية، معيبا في الوقت نفسه على الاتفاقيات الاقتصادية التي تأخرت الجزائر في إمضائها مع المنظمات الدولية.

 

الاقتصاد الوطني لا يلبي إلا 20 ٪ من احتياجات السوق الوطنية

 

أكد الخبير الاقتصادي موسوني آكلي لدى استضافته في منتدى الموعد اليومي أن الوضع الاقتصادي الحالي في الجزائر يسير نحو طريق مجهول وذلك بحكم غياب ميكانيزمات وبرامج لإعادة النظر في الخريطة الاقتصادية التي لم تخل-حسبه- من الوعود الجافة والتي لا تكاد تكون سوى حبر على ورق بما أن أم الصناعات (الفلاحة)، كما وصفها، تسير بقرارات عشوائية وارتجالية تتخذ نتيجة ضغط السوق.

وقال موسوني إن أزمة اللحوم الحمراء التي شهدتها الجزائر وأزمة الحليب التي تشهدها الآن حدثت نتيجة الغش الذي أصبح يميز تعاملات المنتجين، معتبرا أن النهوض بالاقتصاد الوطني يمر عبر جملة من الآليات والبرامج ترتكز على ثلاثة ملفات هامة وجب الاعتناء بها وهي إعادة الاعتبار لكل مناطق البلاد المنتجة سواء للخضر والفواكه أو المواد الأخرى، وكذا عدم تغيير هذه المناطق زيادة على إعادة النظر في تنظيم المستثمرين والفلاحين بهدف إعطاء أهمية كبيرة للصناعة الوطنية وتكليف المختصين والعمال كل بحسب كفاءته وخبرته لإنجاح المخطط.

وفي  السياق ذاته أضاف آكلي موسوني أن القطاع الفلاحي  يعد قطاع السيادة والمحرك الأساس للاقتصاد الوطني إلا أنه في الجزائر أضحى مهمشا وبقيت الدولة تتكبد خسائر بالملايير لتلبية حاجيات السوق الوطنية كون هذا القطاع لا يلبي إلا 20 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية،  وكشف ضيف الموعد اليومي أن الجزائر تستورد أكثر من 80 بالمائة من المواد الأولية ذات الاستهلاك الواسع.

كما اعتبر المتحدث أن من بين الآليات التي يمكنها النهوض بالاقتصاد الوطني ترشيد استغلال الموارد المالية وعدم تبذيرها وكذا إعطاءها تلك الأهمية التي يعنى بها البترول، مؤكدا أن الموارد المائية في الجزائر لا تزال محدودة ما يضعنا أمام حتمية إنشاء آليات للحفاظ على هذه الثروة، مشددا على ضرورة تدخل الدولة عبر وزارة الفلاحة والمديريات التابعة لها لانتهاج سياسة واضحة المعالم والأهداف بين الوزارة والفلاح زيادة على وجوب تطبيق الفلاحين والمنتجين لقرارات وسياسات الدولة.

 

المشاركة في المنتديات الاقتصادية لا يعني الخروج من الأزمة

 

أما فيما يخص مشاركة الجزائر في معرض الموصياد الدولي بجناح خاص بالمنتجات المحلية، قال الخبير الاقتصادي موسوني آكلي إن هذه المشاركة لن تعطي إضافة كبيرة لعلاقة الاقتصاد الجزائري بالأسواق العالمية بحكم أن إصلاح الاقتصاد الوطني لا يكون باستيراد مختلف المنتجات العالمية وفي مختلف المجالات كالزراعة والصناعة والصيدلة، مؤكدا في  الوقت نفسه أن هذا المنتدى لن يساعد بأي حال من الأحوال الاقتصاد الوطني على الرغم من المشاركة ببعض المنتجات المحلية والتي لم تستطع -بحسبه- فرض نفسها في السوق الوطنية.

كما يرى موسوني آكلي أن سياسة الدولة في الوقت الراهن وكل الميكانيزمات التي وضعتها تساعد بدرجة أكبر الاقتصاد الأجنبي ما أثر وسيؤثر على اقتصاد البلد، مشددا على ضرورة التغيير العاجل والفعال في هذه السياسات كي لا تقتصر مشاركة الجزائر في المنتديات الاقتصادية العالمية على السياحة أكثر من الاقتصاد.

وحول قراءته الأولية للمنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال الذي سيعقد  من 3 إلى 5 ديسمبر المقبل بالجزائر العاصمة والذي سيعرف مشاركة أكثر من2000  شركة ومتعامل اقتصادي أغلبهم من دول إفريقيا، قال المتحدث ذاته إن ما سيتمخض عن هذا المنتدى لن يخدم الجزائر بدرجة كبيرة بحكم الفارق الموجود بين السوقين العالمية والافريقية، وكذا مكانة الجزائر وطموحها مقارنة بدول إفريقية والتي لن تفيد -بحسب محدثنا- بدرجة كبيرة في بناء الاقتصاد.

كما استغرب موسوني نية الجزائر اكتساح السوق الإفريقية التي وصف المنافسة عليها بالشديدة، مؤكدا افتقار الجزائر للمنتجات التي يمكنها السيطرة على السوق الإفريقية والعالمية إن تطلب الأمر مدعما نظرته بفاتورة تصدير الجزائر لمختلف المنتجات والتي لا تكاد  تتعدى 350 مليار دولار -بحسبه-

 

 

المديونية ليست حلا وستضع الجزائر تحت الضغط

 

كشف الخبير الاقتصادي آكلي موسوني للموعد اليومي أن اتجاه الجزائر إلى المديونية الخارجية مثلما فعلت قبل أيام مع البنك الأفريقي لا يعد حلا للوضعية الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا. بل ستؤزم الوضع أكثر مما هو عليه، معبرا عن أسفه لعدم امتلاك الخبراء لنظرات استشرافية وبعيدة المدى. كما يرى أن الجزائر حاليا لديها كل الوسائل التي تمكنها من تغيير أسس اقتصادها التابع للنفط في مدة 4 سنوات، مضيفا أن القرض الذي تقدمت الجزائر للحصول عليه يمكن أن يفتح المجال لقروض أخرى ما يمكن أن تكون وسيلة للضغط عليها في المستقبل.

وأضاف المتحدث أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الحزائر حاليا  مثلما كان سببها تراجع أسعار البترول نظرا لتبعية الاقتصاد الجزائري للبترول، فهناك سبب آخر يتمثل في الفساد والتسيير العشوائي للموارد البشرية والمالية قبل تراجع اسعار النفط بالإضافة إلى غياب الذكاء والبرامج والسياسات بعد الدخول في الأزمة، كما أن الحكومة لا تمتلك حلولا دائمة واستخراجها من وضعيات صعبة ومعقدة، محذرا في السياق نفسه من اتخاذ الطرق المختصرة والحلول الترقيعية في مثل هذه الحالات لأن ذلك لا يبني اقتصادا بل يزيد من هشاشته، مؤكدا أيضا أن ما يجعل الاقتصاد هشا هو أن الاستثمار في الجزائر يتم دون تخطيط. أما فيما يخص قانون المالية 2017، فيعتقد ضيف منتدى الموعد اليومي أنه سيكون مثل “دنيا الطرائف”، لأن 8 بالمائة فقط من مواده تتطرق إلى كل قطاعات الاقتصاد رغم هشاشة هذا الاخير والوضعية الخرجة التي يمر بها، وقانون مالية 2017 لم يأت بأي شيء جديد لدعم الاقتصاد، هذا ما يفقدنا الثقة فيما ستأتي به السنة القادمة.

 

* مواد الاستهلاك المستوردة غير مطابقة للمعايير الدولية

 

دعا الخبير الاقتصادي موسوني أكلي  في منتدى الموعد اليومي السلطات الجزائرية إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية في الشكل والمضمون ووضع آليات وبرنامج حكومي وضرورة تطبيق الذكاء الاقتصادي وإنشاء مخابر للتحويلات الفلاحية التي تلعب دورا كبيرا في امتصاص النفايات التي تبلغ 12 مليون طن سنويا والحفاظ على الغابات والموارد المائية، وأشار الخبير الاقتصادي أن التخلص من النفايات يكلف الدولة 3 ملايير دولار سنويا  إلى جانب تشخيص الأراضي الصالحة للزراعة  كما حث على ضرورة إعادة النظر في تنظيم المستثمرين والفلاحين.

 

* حتى لا نكون تحت رحمة البلدان المتطورة علميا وتكنولوجيا

 

كشف الخبير الاقتصادي أكلي موسوني أن المواد المستهلكة من قبل المواطن الجزائري غير مطابقة للمعايير الدولية  ما يسبب الكثير من الأمراض وحتى وزارة التجارة ووزارة الفلاحة أصبحتا لا تتحكمان في المواد المستوردة في ظل عدم وجود مخابر تحليلية ضف إلى ذلك حتى الاتفاقيات الاقتصادية التي أجلت في سنة 2012 إلى غاية 2017 مع الاتحاد الأوروبي بسبب عدم احترام الشروط التي يجب إقامتها وبالتالي يقول الخبير في الاقتصاد أن الجزائر لا تستطيع أن تدخل في أي منظمة كانت لا المنظمة العالمية للتجارة ولا السوق العربية الحرة ولا حتى الإفريقية إلا إذا انتهجت سياسة ممنهجة وذكية تحمل آليات وحلولا عاجلة على المدى القريب وإلا سنكون تحت رحمة المديونية ورحمة البلدان المتطورة علميا وتكنولوجيا .

 

* توزيع الملايير على شباب بمشاريع وهمية في إطار الأونساج

 

أفاد الخبير الاقتصادي آكلي موسوني أن القطاعات الاقتصادية  في الجزائر  غير منظمة في ظل تنصيب مديرين على الغرف والمؤسسات الاقتصادية بدون برنامج وعند تنحيتهم لا يقدمون تقريرا نهائيا عن عهدتهم التي قضوها بتلك المؤسسات الاقتصادية هذا ما يتطلب الالتفات إلى مثل هذا الإهمال.

وأبرز المتحدث أنه يجب إعادة النظر في قروض الأونساج وخاصة -يؤكد موسوني- عندما يتعلق الأمر بالقروض الخاصة بالمواد الزراعية الصناعية التحويلية الغذائية بحيث تمنح الملايير إلى شباب بمشاريع وهمية بدون متابعة ولا إرشاد .

 

أمريكا علاقتها مبنية على المصلحة

صرح آكلي موسوني الخبير في الاقتصاد أن العلاقة الاقتصادية  الجزائرية الأمريكية قبل كل شيء هي علاقة مبنية على المصلحة  ولا يتغير منها شيء، ولهذا يجب على الحكومة الجزائرية أن تعي كل الوعي بأن سياسة الاتكال على النفط قد انتهت وما يجب فعله هو الاتجاه إلى وضع مخطط من شأنه ينعش الاقتصاد الوطني ويدفع بعجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام والتحكم في زمام الأمور بذكاء والاتجاه إلى تنظيم عدة قطاعات اقتصادية من بينها الفلاحة والصناعة والسياحة والنقل واستغلال الكفاءات الجامعية لتطوير التكنولوجيا الحديثة في شتى القطاعات.