قال المخرج المسرحي سمير زموري في تصريح خص به “الموعد اليومي” عن واقع المسرح الجزائري مقارنة بنظيره في دول العالم “هناك تراجع كبير ونوع من الفوضى في الإنتاج المسرحي، أي أنه لا توجد استراتيجية عمل. في مهرجان المسرح المحترف في طبعته لهذا العام حصل خلط، حيث هناك مشاركات لمسارح الدولة وبعض التعاونيات والجمعيات، وهذا لا يعني أنني ضد هؤلاء (التعاونيات والجمعيات المسرحية).. أنا ضد خلط الجمعيات في مهرجان وطني ومحترف تنظمه الدولة”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا برمجت هذه العروض للجمعيات والتعاونيات المسرحية؟.. وهناك من يقول إن ذلك يرجع إلى الاحتكاك بين هؤلاء، وهذا لا يعتبر احتكاكا لأن هناك عروض لمسارح الدولة كان مستواها ضعيفا من ناحية الإبداع، أي كان هناك نقص فادح في الانتاجات المسرحية، فلذا إدارة المهرجان فكرت في دمج فرق مسرحية هاوية مع اقحامها في المنافسة. والدليل واضح، فمثلا فرقة من برج بوعريريج تتحصل على جائزة لجنة التحكيم، ومسرح وهران لم يتحصل على أي جائزة ماعدا جائزة ممثل واعد ومسرح سيدي بلعباس لم يتحصل على أي جائزة رغم أنهما عودونا على تقديم عمل جاد.
ولذا يقول محدثنا إن هناك تراجعا ونقصا فادحا في الكتابة الدرامية من ناحية النصوص ومن ناحية الأداء التمثيلي وكذا الإخراج كتصور وكإبداع وكذلك من ناحية الإنتاج، ربما هناك سياسة الكم وعدم الايمان بسياسة الكيف.
ليضيف محدثنا قائلا: لما نرجع إلى الوراء. بالضبط إلى سنوات السبعينيات والثمانينيات، تابعنا أعمالا راقية منها الشهداء يعودون هذا الأسبوع، الجواد، حافلة تسير، قالوا العرب قالوا… البوابون وبيت برنالدا البا بالرغم من نقص الدعم المادي. وأنا أجزم بأن المسرح الجزائري اليوم تراجع ولا يمكن أن نقارنه مع تجارب دول العالم لأن هناك طاقات في المستوى همشت منهم مخرجين وممثلين كبار، ولا يمكن أن أقول إنه لا توجد ديناميكية أو لا يوجد أصحاب الخبرة، لكن المشكل موجود في التسيير وفي عدم اعادة الاعتبار للفنانين الحقيقيين المبدعين، إلى جانب ظهور سياسة اللوبيات وتوزيع الأعمال الفنية بين جماعات تعرف بعضها البعض، أي سياسة العصبة.
وتابع: “عندما أنزل ضيفا على بلدان شقيقة ويطلبون مني التدخل للحديث عن التجربة الجزائرية في المسرح، أفضّل أن أتحدث عن أمجاد الماضي لأن هذه البلدان (المغرب، تونس ومصر) تعرف الأعمال المسرحية القديمة ولا تعرف أي مسرحية جديدة. كلها تتذكر علولة ولا تعرف الجيل الجديد وأعماله……
ومضى مفسرا: “الاشكالية اليوم هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإذا أردنا اليوم أن يكون لنا مسرح راقٍ وذو جودة كما كان من قبل، يجب أن يكون هناك تسيير محكم وتكون الحيادية… كفانا من سياسة البريكولاج .
حاليا يقول سمير زموري خلافا للسابق نعيش في زمن الانفرادية، أي كل واحد يريد أن يكون هو الأفضل، فالكاتب يريد فرض نفسه على أساس أنه أحسن كاتب والمخرج أحسن مخرج والممثل عنده نرجسية فيرغب في أن يكون أفضل من الآخرين ويغضب إذا لم يتحصل على جوائز….. وبهذه الطريقة والعقلية لا يمكننا أن نتقدم، وإذا أردنا أن ننجح مسرحيا يجب إعادة النظر في طريقة عمل المسارح، كما أن الاهتمام بالتكوين ضروري اليوم، لأننا شاهدنا بعض الممثلين والمخرجين وحتى كتّاب أعمالهم ضعيفة جدا، لماذا؟ لأنهم يفتقدون إلى التكوين. مثلا في تونس والمغرب يملكون معاهد صناعة العرض لتكوين مؤلفين، مخرجين، كوميديين……….ونحن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة ونملك فقط معهد الفنون الدرامية.. وفي الجامعات النقد المسرحي ولكن لم نفكر في إنشاء معاهد للتكوين لمهن العرض، وهذه هي وجهة نظري، وإذا توصلنا إلى إنشاء معاهد لمهن العرض، حينها تكون لدينا نوعية وجودة وتكون لدينا أعمال معروفة عالميا.
كلمته: حاء / ع