إن الأمم جميعاً مسلمها وكافرها وصالحها وفاسدها قد اتفقت كلمتهم وتوحدت تشريعاتهم على تحريم المخدرات وتجريم المروجين لها والمتاجرين بها وشن الحرب على مصادرها والسعي لعلاج آثارها المدمرة، هذا مع ما لدى كثير من تلك الأمم من الفواحش والفجور وأنواع الخمور والملاهي المحرمة وغيرها. وما ذاك إلا لاتفاق جميع العقلاء والعلماء والخبراء واتفاق الشرع والعقل والمنطق على قبحها وسوء آثارها وعموم مخاطرها. لقد نص القرآن على تحريم الخمر بنصوص صارمة لا تدع مجالاً للتأويل أو وجهاً للتعليل أو التراخي في تطبيقها،قال تعالى: ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ” وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أسكر كثيره فقليله حرام” رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: “كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة” رواه مسلم. هذه بعض الأدلة الشرعية على تحريم الخمر، واعتبار أن كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام.وهذا بإجماع من يعتد بهم من العلماء المتقدمين والمتأخرين، بل الأمر كما سبق عليه البشرية كلها. فلماذا هذا الإجماع من جميع الأمم على تحريم المخدرات؟
إنه لما تحتوي عليه من أضرار، ومفاسد وقد قسمها الباحثون إلى أضرار:
– من الدينية: كونها معصية منصوص عليها، تورث سخط الله وعقابه الدنيوي والأخروي. وهي تبعد عن الله وعن الصالحين من عباده، وتقرب من شياطين الإنس والجن وحسبك أنها تبعد عن ذكر الله وعن الصلاة.
– أما الخلقية: فإنها تعلم سوء الخلق، وتجعل المرء مزاجياً ضيق الصدر شديد الانفعال، وتنزع عنه الحياء، وتعلمه أنواعاً من الأخلاق السيئة كالكذب وإخلاف الوعود ونقض العهود، وسقوط النفس بالسؤال والسرقة.
– أما الاجتماعية فمنها: تمزيق الأسر، فينفق كل ما في جيبه وينكفئ على نفسه، ويخسر وظيفته وتجارته ويمد يده إلى كل ما هو جميل في البيت، ويتعامل بكل عدوانية مع زوجته وأطفاله وأهله وانتشار العديد من الأمراض المترتبة على ذلك، والبطالة والتسول ثم الانجرار إلى السرقة وبيع الذمم.
– والصحية: أكثر من أن تحصر ومنها: الايدز، بعض أنواع السرطان كسرطان المرئ وغيره، والتهابات المعدة والقرحة، ولها علاقة بأمراض الكبد والقلب.وأهم شيء إفساد العقل ومنها الهلوسة واضطرابات التفكير وفقدان الذاكرة.
– أما الأضرار الاقتصادية: فإن المتعاطي للمخدرات تُهدم في نفسه كل القوى، فلا يصلح لوظيفة، ولا ينفع لعمل ولا تجارة، فيبقى هادماً للاقتصاد مفسداً له.
من موقع الالوكة الإسلامي