المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي، إسماعيل خلف الله في حوار مع “الموعد اليومي”: “حراك السترات الصفراء يمس الجالية العربية عامة والجزائرية بصفة مباشرة”

elmaouid

“لوبان” استثمرت بقوة في الحراك وتحاول أن تتناغم مع مطالبهم

التجربة الماكرونية أصبحت خطرا على الديمقراطية الفرنسية

 

الجزائر- أكد المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي، إسماعيل خلف الله، أن ما يحدث في فرنسا من حراك للسترات الصفراء، يمس الجالية العربية عامة والجزائرية بصفة مباشرة، لأن أغلب مطالبها اجتماعية، وباعتبارها (الجالية) من الطبقة العامة متوسطة وقليلة الدخل، متوقعا في  السياق ذاته، امتدادها إلى دول أوروبية أخرى حيث اجتاحت حاليا هولندا وإسبانيا وكذا دول الضفة الجنوبية، إضافة إلى عودة زعيمة  اليمين المتطرف، ماري لوبان، إلى الساحة من الباب الواسع، التي عملت على الاستثمار في هذا الحراك، وتحاول أن تتناغم مع مطالب السترات الصفراء خاصة وأن هذه الحركة ليس لها انتماء سياسي.

وأوضح المحلل السياسي، في حوار لـ”الموعد اليومي”، أنه أمام هذا الحراك الشعبي العريض الذي يعرف بحركة السترات الصفراء التي ليس لها انتماء سياسي ولا نقابي وغير مهيكلة وليست لها قيادة، كما هو معتاد عليه في الاحتجاجات التي عرفتها فرنسا أو دول أخرى،  وأمام اللامبالاة وعدم الاهتمام من طرف الحكومة الفرنسية والرئيس ماكرون بها وبمطالبها في بداية حراكها، وللأسف كانت نظرة استعلائية، تغير الوضع  من مطالب اجتماعية إلى سياسية، مما جعل حزبي اليمن واليسار المتطرفين، يتفقان على رحيل الحكومة والبرلمان الفرنسي،  وجعل رقعتها تتوسع وسقف مطالبها يزداد علوا يوما بعد يوم، وأمام التنازلات الأخيرة التي قدمها الرئيس ماكرون في خطابه الأخير،  والذي اعتبرته هذه الحركة بأنه لم يعالج أهم المطالب التي طرحتها، وخروج طلبة الثانويات في مسيرات مطالبين بإصلاحات في النظام التعليمي. فأمام كل هذه المعطيات فإن كل الفرضيات مطروحة، وربما سيقوم ماكرون بالتضحية بوزيره الأول، وفتح ورشة كبيرة للإصلاحات في شتى القطاعات؛ فالكثير اليوم من يعتبر أن التجربة الماكرونية أصبحت خطرا على الديمقراطية الفرنسية، الحل يكمن في الاستماع مباشرة إلى هذه الحركة وفتح كل قنوات الحوار معها.

 

** ما تأثير الحراك على جاليتنا العربية خاصة الجزائريين؟

 الجالية العربية عامة والجزائرية بصفة خاصة هي جزء من هذا الحراك، ويمسها مباشرة، لأن أغلب هذه المطالب اجتماعية تطالب بها الطبقات المتوسطة والفقيرة، والجالية الجزائرية أغلبها من الطبقة العاملة متوسطة وقليلة الدخل، وبالتالي فهي معنية بهذه الإصلاحات التي تطالب بها حركة السترات الصفراء.

 

** المتظاهرون اتهموا ماكرون  بعدم فهمه لمطالبهم فهل يعتبر هذا قطيعة نهائية بين الرئيس وشعبه؟

 استمعت للعديد من أفراد السترات الصفراء قبل خطاب ماكرون،  وقالوا لقد منحناه فرصتين لإجابتنا، وخطابه هو الفرصة الثالثة والأخيرة…، وبعد خطابه كان أغلب رد أفراد الحركة أن الخطاب كان بعيدا ولم يعالج أهم المطالب التي طرحتها حركتهم ولم يمس جميع الفئات، وإن كان يبدو أنه بداية لفتح حوار جدي حول كل المطالب، وإذا استمر تعنت الرئيس وحكومته فهذا يعني أن قطيعة فعلية ستحدث بينه وبين الجماهير الشعبية، وحراك السترات الصفراء لم يعد ظاهرة فرنسية فقط بل قد انتقل إلى بلجيكا والى هولندا وممكن جدا أن ينتقل إلى دول أوروبية أخرى؛  وكذلك دول الضفة الجنوبية،  والتنازلات التي قدمها الرئيس الفرنسي، فتحت الباب أمام مطالب أخرى، وانتشارها إلى مناطق خارج أوربا، ونحن اليوم أمام حزب كبير أنشأته وسائل التواصل الاجتماعي،  وانتقال  هذه الظاهرة إلى دول عربية  تهدد المنظومة  الأوروبية، وسيتأزم الوضع أكثر وسيكون موقف ماكرون ضعيفا، إذا غادرت  “إنجيلا مركل” منصبها  وهي التي  تسانده  بقوة،  والاتحاد الأوربي سيكون أمام زلزال  قوي،  حيث يطالبون  بخروج فرنسا من هذا التيار.

 

** الكل أرجع ما حدث للإجراءات التي اتخذتها الدولة الفرنسية، هل هناك أسباب خفية أخرى؟

  أهم الأسباب التي أدت إلى تزايد رقعة السترات الصفراء وارتفاع سقف مطالبها هو عدم الاهتمام بها والاستماع إليها منذ البداية، والنظرة الفوقية للرئيس ماكرون لها بل وصل به الحد أن وصف أصحابها في بدايتها بالغوغاء، ولا خيار أمام الرئيس الفرنسي وحكومته إلا الاستماع والإنصات ومعالجة جدية لهذه المطالب التي تطرحها هذه الحركة منذ البداية حتى لا تتطور الأمور أكثر مما هي عليه في المرحلة الحالية، وحتى تخرج من هذه الأزمة التي أصبحت لا تهدد فرنسا فقط بل تهدد كل المنظومة الأوروبية.

 

** فرنسا تعيش ظروفا اقتصادية صعبة، أمام كل هذا ما مصير الاتحاد الأوروبي؟

 في ظل هذا الفراغ السياسي والنقابي الذي تشهده فرنسا خاصة وأوروبا عامة،  فإن الوضع مفتوح على صعود اليمين الشعبوي المتطرف، وهذا الأخير يعارض بشدة فكرة البناء الأوروبي، أو تأسيس  الاتحاد  الأوروبي منذ البداية، فإذا خرجت حكومات يقودها اليمين الشعبوي المتطرف فهذا  نتيجة حتمية لنهاية الاتحاد الأوروبي، التي بذلت مجهودات جبارة من طرف قادة اوروبا لإيصاله إلى ما هو عليه، ولكنه لم يكتب له النجاح كما خطط له منذ البداية وخروج دولة وأخرى تدرس إمكانية خروجها في غضون الأيام  المقبلة.

 

** هل تتوقعون عودة  ماري لوبان  من الباب الواسع  التي تعرف  بعنصريتها  للعرب؟

ماري لوبان استثمرت بقوة في هذا الحراك،  وهي اليوم تحاول أن تتناغم مع مطالب السترات الصفراء، خاصة وأن هذه الحركة ليس لها انتماء سياسي أو نقابي،  فهي تحاول أن تكون هي الواجهة السياسية لهذا الحراك، وبالتالي تَصدُّر المشهد السياسي الفرنسي، وممكن جدا ركوب الحكومة الفرنسية المقبلة، إذا لم تتم إصلاحات عميقة ومعالجة دقيقة لهذه الأزمة.

 

 

ماري لوبان استثمرت بقوة في هذا الحراك،  وهي اليوم تحاول أن تتناغم مع مطالب السترات الصفراء، خاصة وأن هذه الحركة ليس لها انتماء سياسي أو نقابي.

 

اليمين الشعبوي المتطرف، يعارض بشدة فكرة البناء الأوروبي منذ البداية، فإذا خرجت حكومات يقودها هذا اليمين فهذا معناه نهاية حتمية للاتحاد الأوروبي.

 

لا خيار أمام الرئيس الفرنسي وحكومته إلا الاستماع والإنصات ومعالجة جدية لهذه المطالب التي تطرحها هذه الحركة منذ البداية حتى لا تتطور الأمور أكثر مما هي عليه في المرحلة الحالية.

 

حراك السترات الصفراء لم تعد ظاهرة فرنسية فقط بل انتقل إلى بلجيكا والى هولندا وممكن جدا أن ينتقل إلى دول أوروبية أخرى  وكذلك دول الضفة الجنوبية

 

الجالية العربية عامة والجزائرية بصفة خاصة هي جزء من هذا الحراك، ويمسها مباشرة، لأن أغلب هذه المطالب اجتماعية تطالب بها الطبقات المتوسطة والفقيرة