المجاهدة الجزائرية.. المرأة المؤمنة القائدة

المجاهدة الجزائرية.. المرأة المؤمنة القائدة

لم يكن وضع المرأة الجزائرية، قبل اندلاع الثورة التحريرية، إلا جزءا شديد التلاحم بالوضع العام الذي كانت عليه الجزائر في كل مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبوضع الإنسان الجزائري بصورة خاصة. ويفرض ذلك بالضرورة العودة إلى الوراء، عبر المسيرة التاريخية، لمعرفة مكانة المرأة الجزائرية في مجتمعها. كانت المرأة تتمتع بالاحترام والتقدير، وتحظى بالرعاية، مسموعة الكلمة، قوية الشخصية، ولعل كل ذلك، هو الذي جعلها القاعدة القوية لخلية المجتمع الأساسية “الأسرة”. في هذا المجتمع، الذي تهيمن عليه القوة والمثل العليا، وتبرز فيه قيمة الحرية وتعشقها، كانت المرأة تبعث الحياة، وتشارك في كل صغيرة وكبيرة. فكان ركوبها للخيل ومشاركتها في الزراعة والحرب أمرا طبيعيا مثل عنايتها بطفلها. ولم تكن لهذه المرأة القائدة ميزة الشجاعة والبطولة فحسب، بل كانت تعمل بفكرها الثاقب أيضا، وموقفها من الفتح الإسلامي خير دليل على ذلك، واحتفظت المرأة المسلمة “عربية وبربرية” بكل الفضائل التي تضمنها الإسلام، وأصبحت هي القاعدة الصلبة التي توحد ولا تفرق، تجمع ولا تبدد، في الأخوة لله ودينه، وانصهر هذا المجتمع تحت راية الجهاد في سبيل الله، وأصبحت قيم المجتمع وفضائله راسخة الجذور في المجتمع المتكامل. وكانت عملية الربط بين الدين الإسلامي وبين الجهاد في سبيله إرثا ثابتا تناقله الأجيال عبر توجيه الأمهات وأحاديث الجدات. وتحول المد إلى جزر، ووقعت الجزائر أول ضحية لهذا التحول وهنا عادت “المرأة الجزائرية” لممارسة دورها التاريخي اعتبارا من اللحظة التي اجتاحت فيها قوات الاستعمار الجزائر يوم  05 – يوليو – 1830. والأمثلة عن هذا الدور متوافرة بكثرة، لعل من أبرزها وأكثرها شهرة هي قصة إحدى بطلات الجزائر “لا لا فاطمة نسومر” التي قادت المجاهدين والمسلمين الجزائريين في ثورة عارمة عام 1857ضد قادة الجيش الفرنسي – جنرالاته – فكانت مثالا رائعا لجهاد المرأة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. ولم يكن استشهادها هو مجرد إضافة لموكب الشهيدات المدافعات عن الدين والوطن، وإنما إعلان وتأكيدا لمكانة المرأة المؤمنة القائدة في مجتمع المجاهدين.

من كتاب – جهاد شعب الجزائر-