كانت بنت السادسة عشر عندما وطأت قدماها المدينة، فراشها الأرض وغطاؤها السماء تقتات من فضلات السوق، ملابسها رثة وقدماها حافيتان، شعرها غجري مسدول على كتفيها، كانت مسحة من الجمال تعلو
محياها، يناديها الجميع ليلى لكن اسمها الحقيفي هو خدوج، ليلى لا يهمها في هذه الحياة سوى أن تضمن قوتها وهي تتألم في صمت، ليلى على الرغم من اليتم، فهي كريمة سخية تحب الجميع، ولكن اللحظة ليس غير ملابس رثة وجسما أنهكته السنون، أشفق عليها عمي رابح الذي كان بائعا للفواكه في السوق المركزية للخضر والفواكه، لاحظ معاكسة الشباب لها، فاقترح عليها أن تعيش مع بناته فقبلت…
فرح بها كثيرا وضمها إلى بناته الثلاثة، أدخلها إلى مدرسة لتتعلم أبجديات اللغة، نجحت في كل شيء بسرعة، وكانت قد تعلمت الحلاقة والخياطة، كانت سريعة البديهة، نبيهة، وكان جسمها كل يوم يزداد نضجا، وكانت تحس بنظرات إبراهيم لها، إلى أن جاء ذلك اليوم ليغير مجرى حياتها، إتفق معها على المغادرة إلى العاصمة، ليلى كل يوم تزداد جمالا ونضارة، تعلقت بإبراهيم الذي كان حظها إلى السعادة وكان هو يعتقد أنها هي من قادته إلى ميادين السعادة…تم الزواج وعمي رابح كأنه لم يكن، تحير عليها، لكنها هي في حب زوجها غارقة، عادت من العاصمة، لتعيش سعادتها مع زوجها، لكن عمي رابح كان قد أدخل الى المستشفى لتبتر ساقه… كانت بناته تزرنه، يسألهن عن ليلى، فلا يجدن له جوابا غير: هي بخير يا أبي!!!
إنتقل عمي رابح إلى جوار ربه وفي نفسه غصة الشوق لرؤيتها لكنها لم تزره حتى للحظات، كان زوجها يطالبها بزيارته، لكنها كانت ترفض….قررت حضور جنازته…التي أقيمت بالحي ..وصلت ليلى غير أنها كانت غير مرغوب في حضورها.. لأنها عاشت التمرد وطبقت نظرياته الحديثة التي كانت وبالا عليها…
عادت ودمع العين جارية، وقلبها يتقطر دما لفعلتها…كان ضميرها يؤنبها كلما زارت قبره وكانت اغماءة طويلة تأخذها الى عالم بريء وبقيت الغصة في صدرها…
حركاتي لعمامرة

