يستعد المتحف الوطني للأثار القديمة والفنون الإسلامية أكبر وأقدم متحف في الجزائر وفي إفريقيا لاستقبال زواره بوجه جديد تجسيدا لإرادة مسؤولي هذه المؤسسة في تحسين مظهره وجلب الاهتمام بمحتوياته التي تعد شواهد عن حقب متنوعة من تاريخ الجزائر عبر مسار متحفي جديد وتحف ستعرض لأول مرة.
سيكتشف قريبا زوار هذا المتحف المشيد في قلب العاصمة (شارع كريم بلقاسم) التغيرات الجالية في مساره المتحفي لاسيما جناح الفنون الإسلامية التي ستقدم بطرق تساير التطورات التي عرفتها المؤسسات المتحفية عبر العالم.
وسيجد الزائر حسب ما أكدته السيدة فتيحة عمار محافظة التراث الثقافي ورئيسة مصلحة التنشيط والورشات والاتصال، معلومات وافية عن المحتويات المعروضة باستخدام وسائط متنوعة منها فيديوهات بما يشفي فضولهم والاستجابة أيضا لاحتياجات الباحثين والطلبة .
وصرحت المتحدثة لـ “وأج” أن الجمهور سيكتشف قريبا التغيرات التي سيعرفها مسار العرض المتحفي على مستوى جناح الفنون الإسلامية على وجه الخصوص، كما سيطلع على تحف تعرض لأول مرة منها تلك التي اكتشفت حديثا خلال مختلف عمليات التنقيب الجارية في عدة مناطق أثرية عبر الوطن .
كما سيجد أيضا تحف ملك للمتحف ستعرض لأول مرة، وهي تحف نادرة في العالم كما قالت المسؤولة من بينها قطعة نقدية تعود لفترة الدولة الرستمية التي “قيل إنها لم تسك نقودا خاصة بها”، حسب نفس المصدر.
وأضافت السيدة عمار أن المتحف يضم كذلك قطعا أخرى لدويلات غير معروفة كثيرا مثل السليمانية، مذكرة في نفس النطاق أن هذا المتحف الذي دشن في 2004 والوحيد الخاص بالفنون الإسلامية في الجزائر يضم تحفا متنوعة للدويلات الإسلامية التي تعاقبت على الجزائر (الرستمية والفاطمية والمرابطية والموحدية..) إلى غاية فترة الأمير عبد القادر التي تنتمي تحفها للعصر الحديث.
ومن بين محتويات جناح الفن الإسلامي، تحف وقطع أثرية متنوعة على غرار نماذج من الزرابي من مختلف مناطق الجزائر وتحف خشبية وخزفية مغربية وتونسية تعود للقرن الـ 19.
كما يحتوي تحفا أثرية يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة بين القرنين التاسع والخامس عشر ميلادي من بينها منبر الجامع الكبير في العاصمة الجزائر الذي يعود لعهد المرابطين وكذا مصحف الجامع الكبير الذي يعد أحد أقدم المصاحف في العالم.
ويعرض المتحف مجموعات معتبرة من القطع النقدية تعود إلى مراحل مختلفة إلى غاية الحكم العثماني ونماذج من الصناعات التقليدية للمناطق ذات البعد الأمازيغي (الأوراس ومنطقة القبائل ووادي ميزاب) وأسلحة جزائرية منها التي صنعت في منطقة “بني يَنِّي” إلى جانب جناح كامل خاص بـ “المسكوكات” النادرة التي ساهمت بتسطير كل المراحل التاريخية التي تعاقبت على الجزائر.
ويحتوي مبنى الآثار القديمة قطعا أثرية وتحفا تبرز مختلف الحضارات التي تعاقبت على الجزائر منذ فجر التاريخ، وكذا عينات من الحضارة الفرعونية والإغريقية تتعلق بالعبادات والطقوس من بينها تماثيل ورسومات فسيفسائية ولوحات جدارية، كما تعرض قاعة “اييكوسيوم “مجموعة هامة من الأواني الفخارية الرومانية.
ويقوم متحف الأثار القديمة والفنون الإسلامية إلى جانب المعارض بعدة أنشطة ثقافية وفكرية من ملتقيات علمية وورشات موجهة للأطفال مثل مسابقة فن القولبة، كما يفتح أبوابه للطلبة المختصين لإنجاز أبحاثهم.
ويتوفر على مخبر للترميم ويصدر حولية تعرض إنجازات المتحف ونشاطاته، سيعاد إصدارها قريبا وكان أخر عدد صدر لها في 2005 وينظم دوريا أياما دراسية مفتوحة للجمهور.
يذكر أن أشغال بناء متحف الآثار القديمة الذي يتميز بطرازه المعماري الأندلسي المغربي المتألق، انطلقت في 1838 ودشن رسميا في مقره الحالي في 1897، حيث كان في الأول بثكنة الانكشاريين بباب عزون ثم في دار مصطفى باشا قبل أن يستقر في حديقة الحرية.
ب/ص- ق/ث