المبدعة السورية ميادة سليمان لـ “الموعد اليومي”: الكتابة هي المتنفس الوحيد للتعبير عن الظروف القاسية التي عاشتها الأوطان العربية

المبدعة السورية ميادة سليمان لـ “الموعد اليومي”: الكتابة هي المتنفس الوحيد للتعبير عن الظروف القاسية التي عاشتها الأوطان العربية

المتألقة ميادة سليمان من المبدعين السوريين، تمارس الكتابة في عدة أجناس أدبية كالشعر والقصة.

وللحديث عن مسيرتها وإبداعاتها في مجال الكتابة ومشاركتها في مختلف المهرجانات وتأثير الظروف الأمنية التي عاشتها سوريا في السنوات الأخيرة على كتاباتها وأمور أخرى، تحدثت ميادة سليمان لـ “الموعد اليومي” في هذا الحوار.

 

حاورتها: حورية/ق

 

– ماذا تقولين عن مسارك الأدبي وأبرز ما قدمتيه من إنجازات أدبية؟

* منذ الصّغر كنت أحبّ اللغة العربيّة والمطالعة وهذا زادني معرفةً، وغنىً، وجعلني أطمح لأن أكون كأولئك الكُتّاب الّذين لطالما سُحِرتُ بحروفهم، ولذلك كانت البدايات من خلال تميّزي بمواضيع التّعبير المدرسيّة، ومن ثمّ ابتدأت بكتابة الخواطر والقصص.

وبعد دراستي للأدب العربيّ ازدادت كتابتي للشّعر ومن ثمّ بدأتُ المشاركة في المسابقات الأدبيّة الفايسبوكيّة، وكانت هذه المسابقات محفِّزًا كبيرًا لي للكتابة والإبداع والمنافسة القويّة مع نخبة كُتّاب الوطن العربيّ، وقد كنت من الّذين يحرزون الفوز في مراكز متقدّمة، ولله الحمد، وبعد أن حقّقت ما أصبو إليه، وصار الفوز يتكرّر اكتفيت لأنّه لم يعدْ يضيف إليَّ شيئًا جديدًا، كما أنّه علينا أن نفسح المجال للآخرين كي يحرزوا الفوز والتّألّق والتّكريم المعنويّ الذي نلناه.

أمّا عن مؤلّفاتي فهي مجموعة شعريّة: تبًّا للقرنفلِ الأحمرِ (40) قصيدة من الشّعر الحديث، مجموعة قصص قصيرة جدًّا بعنوان: رصاصٌ وقرنفلٌ (90) قصّة قصيرة جدًّا.. فائزة بمراكز متقدّمة في عدّة مجموعات أدبيّة، كتاب قصصيّ مشترك بعنوان (سنابل من حبر) هديّة من الرّابطة اليمنيّة للقصّة القصيرة جدًّا. مجموعة شعريّة بعنوان: عنايةٌ فائقةٌ للحُبِّ (50) قصيدة من الشّعر الحديث هديّة من مؤسّسة الكاظميّ العراقيّة.

ولكن للمصداقيّة هذان الأخيران: الكتاب المشترك والمجموعة الشّعريّة لم يصِلاني بعد، وما زلتُ أنتظر!

 

– أي المواضيع تفضّلين الكتابة فيها؟

* كتبت في معظم الأجناس الأدبيّة، ولكنّني أفضّل الشّعر كجنسٍ أدبيٍّ، وأُفضّل الكتابة عن الحبّ في قصائدي والكتابة في المواضيع المختلفة في القصص كالتّشرّد، اليُتم، الظّلم، الفساد، الحروب، الفكر المتطرّف، وغيرها واختيار مواضيع اجتماعيّة تعليميّة، وتربويّة هادفة بأسلوب مُبسَّط في قصصي للأطفال.

 

– هل سبق لك المشاركة في المهرجانات الخاصة بالثقافة الأدبية وماذا تضيف للمبدع؟

* المهرجانات الأدبيّة تضيف الكثير للمبدع، فهي تعرّفه على شريحة أوسع من النّاس وتجعله أقرب منهم ويكون الإلقاء الشّعريّ إضافة جميلة للقصيدة إن كان المُلقي مُجيدًا، ذا حضورٍ جميلٍ. بالنّسبة لي مُقِلّة في هذا الشّأن بسبب إقامتي في محافظة بعيدة عن العاصمة ومعظم النّشاطات الأدبيّة تحدث في دمشق، ومحافظات قريبة منها. لكن كان لي العام الماضي مشاركة في مهرجان “ربيع نيسان” في مدينة القامشلي التي أقيم فيها.

 

– ما مدى تأثير الأوضاع الأمنية التي عاشتها سوريا على كتاباتك؟

* بالتّأكيد لها تأثير كبير، فالكاتب يتأثّر لاشعوريًّا بواقعه وبيئته ومحيطه، والظّروف الصّعبة الّتي مرّت بها سورية تركت أثرها في نفوس المبدعين، فباتت معظم إبداعاتهم عن الحرب ومآسيها وويلاتها. وبالنّسبة لي في مجموعتي القصصيّة (رصاص وقرنفل) معظم قصصي عن هذه المعاناة كالتّشرّد واللجوء والتّفجيرات، والتّكفير والشّهادة وغيرها الكثير. وكتبت بضعة قصائد عبّرت فيها عن هذه الأوضاع المأساويّة، وتخاذل العرب، وتعاميهم، بل ودعمهم للإرهاب الذي استشرى في وطني.

 

– كيف هو حال المثقف في مختلف مجالات الإبداع في سوريا؟

* المبدعون السوريون متميّزون جدًّا ولدينا مواهب رائعة وقد كان أصدقائي السّوريّون يحرزون الفوز كثيرًا في المسابقات الأدبيّة ومعظمهم كتّاب قصص استوحوها من واقع الحرب التي فُرضت علينا، ولكن هناك تقصير كبير في حقّهم من حيث الإعلام وتقديم المساعدات لهم والتّسهيلات في مجال نشر إبداعاتهم، والتّعريف بهم وبإبداعاتهم الجميلة.

 

– نشرت العديد من إبداعاتك عبر جرائد عربية في عدة بلدان، ما الغرض؟

* الجرائد العربية تساهم في التّعريف بالكاتب ونشر إبداعه، وانتشار اسمه وحروفه، وهذا شيء لا يستطيع أحد نكران أهميته، فنحن نكتب للآخرين، وكلّما كانت الشّريحة الّتي تقرأ لنا أكبر، كان ذلك شيئًا يميّز إبداعنا ويحبّب الآخرين بكتاباتنا.

بالنّسبة لي يشجّعني الكثير من الأصدقاء على إرسال كتاباتي كي ينشروها في جرائدهم، وبعضهم يقوم بنسخ قصائد من صفحتي وينشرها كبادرة نبيلة منه، وهذا الأمر يسعدني، ويحفّزني لأكون متميّزة، مُجدَّة، ومجدّدة في آنٍ معًا، ولا أستطيع نكران جميل الصّحافة العراقيّة الّتي تبنّت الكثير من كتاباتي.

 

– هل لك احتكاك بالمبدعين في مختلف مجالات الإبداع؟

* أنا أطّلع على كتابات أصدقائي من خلال الفايسبوك وأقرأ وأتبادل معهم الآراء في بعض الأحيان ونتناقش في أمور أدبيّة معيّنة وبعضهم يستشيرني في اختيار عنوان، أو يسأل عن مدى تحقّق شروط جنس أدبيّ معيّن كتبه، أو إن كان نصّه سليمًا من حيث اللغة والإملاء، وأنا أكون سعيدة بتقديم أيّة مساعدة، أو رأي لأصدقائي لأنّني أيضًا منهم أتعلّم وأستفيد وأشعر بجمال الصّداقة ونقائها وقيمتها الكبيرة في حياتنا.

 

– ما تقييمك للوضع الثقافي في الأوطان العربية خاصة التي شهدت الربيع العربي؟

* أوّلًا: أعترض على تسمية “الرّبيع العربيّ” ربّما خُدع كثيرون بهذه التّسمية لكنّها في الحقيقة كذبة كبيرة أُطلِقت لتدمير أوطاننا وزيادة الفوضى فيها وتضليل فئة كبيرة من الشّبّان عن الدّرب الصّحيح، وجعلهم ينسون الأشياء الجوهريّة في الحياة ويلهثون وراء القتل والسّفك والإجرام طمعًا بأمور مادية دنيوية دنيئة، أو دينيّة كاذبة كالجنّة والحوريّات. هذا عدا عن أشياء كثيرة لا مجال لذكرها الآن، لكن باختصار هو ربيع أحمر دامٍ وهذا ما عبّرت عنه في قصيدة لي عنوانها (ربيعٌ أحمرَ!) وهذا مقطع منها:

رسَموا اللوحةْ

قالوا: ذاكَ ربيعٌ أخضرْ

خلفَ اللوحةْ

لطمَتْ أُنثى:

أينَ الزَّوجُ..

أينَ الطِّفلُ؟

يا اللهُ.. قلبي تفطَّرْ

خلفَ اللوحةْ

صرخَتْ طِفلةْ:

أينَكَ أمِّي..

أينَ الدُّمية؟

أينَ الكُتبُ والألوانُ..

أينَ الدَّفترْ؟

ثانيًا: بالنّسبة للوضع الثّقافيّ للبلدان الّتي اجتاحتها موجة الإرهاب والفكر المتطرّف، فقد عبّر الكُتّاب كما في سورية عمّا حدث في بلدانهم من مآسٍ، وويلاتٍ وأبدوا أسفهم لما يجري في أوطانهم من تخريب وتدمير، وتشريد، وقد ساهم ذلك في نهضة ثقافيّة، وأدبيّة، فالكتابة هي المُتنفّس الوحيد للتّعبير في ظلّ مثل هذة الظّروف القاسية الّتي مرّت بها أوطاننا.

 

– ولو طلبت منك إهداء قرائنا إبداعا من كتاباتك، فماذا تهديهم؟

* أهديهم هذه القصيدة عنوانها (اسْأَلْ مِرآتِي)

لَا شَمسَ لِصُبحِكَ

لَا أُنسَ لِرُوحِكَ

لَا قَهوَةَ بَعْدَ الآنِ

لَا بَهجَةَ

لَا سَلوَى…

يا عَبقَ الوَردِ

يا طَعمَ الشَّهدِ

يا سِحرَ الشَّامِ

يا ألطَفَ

مِن نَسْمَةِ بَرَدى…

كيفَ يهونُ عَليكَ

خِصَامي؟

في بُعدِكَ

جفَّتْ

سَاقِيَةُ الأَفرَاحِ

فِي بُعدِكَ

كُلُّ صَبَاحٍ أَضحَى

ظُلمَةْ

كُلُّ مَسَاءٍ طَعمُهُ

دِفلَى…

إنْ رُمْتَ وِدَادًا

دَلِّلْنِي

غَازِلْني

خَبِّئْ لِي

في جَيبِ

فُؤادِكَ

بَعضَ سَكَاكِرِ

أو شُوكولَا

أو عُلبَةَ حَلْوى…

فأنَا

فِي عَينِكَ

قَدْ أَبْدو

أُنثَى نَاضِجَةً

لَكِنْ…

فِي عَينِ

المِرآةِ

أنَا جِدًّا

أنَا جِدًّا طِفْلَة!

 

ميَّادة مهنَّا سليمان