المستشفى مجهز بأحدث التجهيزات وأمهر الجراحين به في عطلة إجبارية
يقتصر دور المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في المسالك البولية وزراعة الكلى بقسنطينة، في الوقت الراهن في مصلحة بسيطة لتصفية الكلى، وهو ما يؤثر سلبا على المرضى المحتاجين لعمليات زرع الذين
أضحوا عرضة لوضع راهن معلق ينهك هذه المؤسسة الصحية التي كانت مركزا لزرع الكلى بامتياز.
فبعدما كانت المؤسسة الاستشفائية المتخصصة الدكتور عبد القادر بوشريط بقسنطينة رائدة خلال سنوات الألفين في عمليات زراعة الكلى بالجزائر بـ 6 عمليات زرع يعود تاريخ أولاها إلى سنة 2002، تراجع هذا الدور بشكل رهيب بسبب تباين معقد في الآراء بين الفاعلين “الرئيسيين” المتدخلين في عمليات الزرع.
وتثير هذه الوضعية في هذا السياق استياء السيد بدرو رحاب رئيس جمعية المستفيدين من زراعة كلى بقسنطينة وأحد أوائل المرضى الذين خضعوا لعملية زرع بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة لمضي “تلك الفترة التي كانت تتوالى خلالها عمليات الزرع معيدة الأمل وباعثة حياة ثانية للمصابين بالقصور الكلوي”.
وأضاف بأن بعض المرضى “ضعفاء” لكون “الأشخاص الخاضعين لعمليات زرع يظل ينتابهم خوف دائم من رفض الكلية المتبرع بها، فهم يحتاجون لنمط حياة خاص على اعتبار أنه بإمكانهم أن يكونوا عرضة لجميع أشكال المشاكل الصحية”، مردفا بأن هؤلاء المرضى يعتبرون هذه المؤسسة الاستشفائية المتخصصة “منزلا ثانيا لهم يشعرون فيه بالأمان”.
كما تطرق رحاب لاستحالة قيام المرضى المستحقين لعمليات زرع الكلى بأخذ بعض العينات والاختبارات العيادية والإشعاعية داخل هذه المؤسسة، مما يجبرهم، حسب ما أردفه، على التوجه نحو المركز الاستشفائي الجامعي ابن باديس بقسنطينة أو الجزائر العاصمة، مستشهدا على سبيل المثال بنوعية المصل (تحليل يتعين القيام به قبل الخضوع لعملية زراعة للكلى).
واستنادا لذات المصدر، تقتصر نشاطات هذه المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الوقت الحالي على جلسات تصفية الكلى والتدخلات على مستوى المسالك البولية، في حين يطمح عشرات المرضى في استقبال كلية تنتشلهم من قبضة التصفية.
عمليات زرع بـ “النيابة”
منذ أول عملية زرع للكلى تم القيام بها في 7 ماي 2000 على مريض ينحدر من ولاية تبسة، تحصي المؤسسة الاستشفائية المتخصصة الدكتور عبد القادر بوشريط لحد الساعة “حوالي مائة عملية زراعة”، علاوة على حوالي 12 عملية زرع بـ “النيابة” تم القيام بها منذ سنة 2016 في مصلحتي أمراض الكلى بالمركزين الاستشفائيين الجامعيين لعنابة وباتنة، حسب ما تم إيضاحه.
وحتى وإن كان لا يتم إجراء تدخلات جراحية بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة بقسنطينة “يستمر الفريق الطبي لمصلحة أمراض الكلى كما هو الحال عليه دائما بتحضير المرضى والملفات الطبية”، حسب ما أوضحته لوأج الدكتورة سهيلة زموشي رئيسة المصلحة، مشيرة إلى أنه تتم حاليا متابعة “حوالي ثلاثين زوجا” (متبرعون-مستقبلون) من أجل الخضوع لعملية زرع للكلى بعنابة أو باتنة.
وينطبق الأمر على وجه الخصوص على أميرة وهي طالبة جامعية صاحبة 25 سنة تستعد لاستقبال كلية شقيقتها الكبرى التي بعث توافق زمرتي دمائهما بصيص أمل في نفسها على اعتبار أنها تخضع لجلسات تصفية الكلى منذ 3 أشهر.
ويحذو أميرة أمل كبير، حيث أعربت عن رغبتها في أن تمكنها عملية زرع الكلى المنتظرة بعنابة من استئناف مجرى حياتها الذي توقف منذ اكتشاف إصابتها بهذا المرض.
كما أعربت عن ارتياحها بسبب عدم معاناتها من أي مرض آخر من شأنه أن يقف حجر عثرة أمام فرص استفادتها من عملية زرع للكلى، ويسمح لها بالخضوع بكل شجاعة لمختلف الاختبارات الطبية والتحاليل المطلوبة التي يتعين القيام بأغلبها في هياكل صحية أخرى.
وفي هذا الصدد، رافعت الدكتورة زموشي من أجل “تجميع” جميع التخصصات في عيادة أمراض الكلى بقسنطينة حتى يتمكن المرضى من أخذ العينات والقيام بالاختبارات التكميلية والزرع بنفس المكان، ولكن أيضا من أجل تكفل أفضل بالمرضى بعد عمليات زرع الكلى.
عراقيل تؤرق المرضى
ولم تقم مصلحة زراعة الكلى بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة عبد القادر بوشريط التي تضم فريقا يتألف من 10 جراحين “بأي عملية زرع منذ 2014 وذلك بالرغم من وجود 3 قاعات للعمليات مطابقة للمعايير ومزودة بتجهيزات حديثة”، حسب ما صرح به عبد الغني فاضل مدير هذا الهيكل الصحي.
وتعد “عمليات زرع الكلى متوقفة بقسنطينة بسبب عراقيل متواجدة على مستوى مصلحة الزرع”، حسب ما أوضحه ذات المسؤول، مسلطا الضوء في هذا الصدد على “غياب مردودية رئيس الأطباء بالمصلحة منذ 12 سنة، مما أجبر المؤسسة الاستشفائية المتخصصة على إيجاد حل بديل من خلال تحويل المرضى نحو ولايتي عنابة وباتنة”.
وهو نفس ما ذهب إليه المدير المحلي للصحة السيد العيد بن خديم الذي تحدث أيضا عن وجود “عراقيل” على مستوى مصلحة زرع الكلى التي أرجعها إلى رئيس أطباء المصلحة رغم وفرة “جميع الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة”.
وأردف في هذا الصدد بأنه “تم إرسال تقرير مفصل لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات من أجل إيجاد الحلول الملائمة”، مردفا بأنه “في انتظار إعادة تنظيم هذا النشاط -زراعة الكلى- بقسنطينة، يتم توجيه المرضى نحو مستشفيي عنابة وباتنة”.
وفي اتصال يدافع رئيس الأطباء بمصلحة أمراض الكلى وزرع الكلى بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة “عبد القادر بوشريط” البروفيسور عبد الرزاق دحدوح عن نفسه وينفي “عرقلة” عمليات زرع الكلى المعلقة منذ عدة سنوات بقسنطينة مرجعا المشكل إلى “أزمة تسيير” على مستوى هذه المؤسسة الصحية.
وبعد أن أفاد بأنه “قام بإطلاع وزارة الصحة بالوضعية”، أكد ذات الطبيب المختص بأن الوضع الراهن لا يتعلق بـ “عدم كفاءة أو غياب إرادة ولكن نقص إمكانيات”، متحدثا في ذات الصدد عن “ضرورة توفر وسائل من أجل عدم تعريض المرضى للخطر لاسيما من أجل تدخل جراحي ثقيل مثل زرع الكلى”.
وتتوفر المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في جراحة المسالك البولية وأمراض الكلى وزراعة الكلى بقسنطينة على طاقم طبي متعدد التخصصات (جراحة – تصفية كلى -تحاليل)، ينتظر حاليا ردة فعل من طرف الوزارة الوصية، وهو يؤكد بأن “المؤسسة تمتلك رئات قوية بشكل كاف من أجل إنعاش عمليات زرع الكلى”.