اللهم بلغنا رمضان

اللهم بلغنا رمضان

بعدَ أيام قليلة، يحلُّ بالأمَّة الإسلامية ضيْفٌ غال، ووافد كريم، إنَّه شهر رمضان، الذي أُنزل فيه القرآن، وكُتِب على الأمَّة فيه الصيام، وسُنَّ لها فيه التهجُّد والقيام، إنَّه الشهر الذي يغتنمه موفَّقون فيبادرون، ويسابقون إلى الخير ويتنافسون، فيفوزون بجزيلِ الثواب، وعظيمِ الجزاء، ويُضيِّعه مُفرِّطون، ويُعرِض فيه مَخْذُولون، أو يتلبَّسون بالمعاصي، فيُثقلون كواهلَهم بالسيِّئات والوزر، وذلك فضْل الله يُؤتِيه مَن يشاء مِن عباده، ممَّن عَلِم في قلوبهم خيرًا، وتلك حِكْمتُه التي يُضلُّ بها مَن عَلِم أنهم دون ذلك؛ ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ” إبراهيم: 27. ثم اعْلَموا أنَّ ممَّا يَزيد المؤمنَ حرصًا على إتقان عمله، واجتهادًا في تحصيلِ الصالحات قدرَ طاقته: أن يستحضرَ أنَّه ربَّما كان هذا هو آخِرَ رمضان يشهده، فليصمْ فيه صيامَ مودِّع، وليصلِّ فيه صلاةَ مودِّع، وليجتهدْ فيه اجتهادَ مَن لعلَّه لا يُدركه مرةً أخرى، فكم ممَّن صام معنا في العام الماضي وقام، ثم هو في عامِه هذا حبيسُ قبرِه، ورهينُ عملِه! ومَن وفَّقه الله لإدراك رمضان، فلْيُشمِّرْ عن ساعِد الجدِّ من أوَّل يوم، وليتوكَّلْ على الله، ولْيُنبْ إليه، ولْيحذرِ التسويف، فإنَّ إدراك مواسم الخير نعمةٌ لا تعدلها نِعمة، والمغبون المحروم مَن لم يتعاملْ مع ربه؛ يقول تعالى في الحديث القدسي: “مَن جاء بالحسنة فله عشْرُ أمثالها وأزيد، ومَن جاء بالسيئة فجزاءُ سيِّئةٍ مثلُها أو أَغْفِر، ومَن تقرَّب مني شبرًا تقرَّبْتُ منه ذراعًا، ومن تقرَّب مني ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، ومَن أتاني يمشي أتيتُه هرولةً، ومَن لَقِيني بقُراب الأرْض خطيئةً لا يشرك بي شيئًا، لقيتُه بمثلها مغفرة”.

 

موقع إسلام أون لاين