الكمان الحزين

الكمان الحزين

يستيقظ مع تباشير الصبح ليحضّر نفسه فيصلي ويتناول فطور الصباح ويحضر كمنجته ذات اللون البني اللامع، وهي داخل كيس من قماش وهو ينادي ابنه ذا السبع سنين، ليبدأ جولته اليومية بشوارع قلب مدينتنا العامر بالحب والطيبة، ليطوف عمي العقبي وهو يؤدي مديحا قديما عن سيرة النبي، وكان كلما مر بشارع إلا وقال: يا صلاة النبي فيصلي الناس عليه ويسلمون… وكان كلما مر بشخص أو شخصين إلا ويساعدانه بما جادت به أنفسهم وكانت الصلاة على النبي تملأ شفاههم، كان عمي العقبي يعشق المديح ويردده لأنه يشكل له مصدر رزقه …

أما المدينة المتعبة فإنها عشقت جميل مديحه وأبهاه، جدران المدينة وأبوابها تعشق نبرات صوته وذات صباح غادر مداح المدينة إلى غير رجعة…مات وشفتاه تتمتم بالصلاة على النبي مستبشر الوجه، طالبا من أبنائه مواصلة المسيرة…

فقدت مدينتي مداحها الذي رسم البهجة على النفوس ونال جزاء الصلاة على النبي لكل ذاكر، أما باعة السوق جميعا افتقدوه، فأصبحت المدينة من دونه كئيبة حزينة، حتى الغربان غادرتها إلى غير رجعة ومن يومها وعروس الزيبان لم يعد يحلو لها المكان، فغاب الكمان وغاب الفنان وعادت مدينتي من جديد لتخلد إلى نوم عميق…

 

حركاتي لعمامرة