تجمع علاقة وطيدة بين نوعية التغذية وصحة الجسم، وحينما يقال صحة الجسم فإن المقصود عدة مراتب من مستوى الصحة، أولها صحة أجهزة وأعضاء الجسم على أداء وظائفها، وثانيها قدرة هذه الأعضاء بمفردها
وقدرة الجسم بمجمله على مقاومة أي اختلال في عمل الجسم وعمل أعضائه وأجهزته المختلفة، وثالثها قدرة الجسم وكل أجهزته وأعضائه على استعادة الصحة والعافية عند الإصابة بأي انتكاسات مرضية سواء كانت مزمنة أو حادة.
الدماغ أحد أعضاء الجسم، وقدرات الدماغ على أداء وظائفه وسلامته من الإصابة بالأمراض وقدراته على استعادة العافية والصحة كلها مرتبطة بشكل وثيق مع تغذية أحدنا لجسمه بأنواع الأطعمة والمشروبات المختلفة. والأطفال هم في الأصل في مرحلة النمو، وأدمغتهم وجهازهم العصبي بالمجمل يخوض عملية نمو عضوي ووظيفي خلال مرحلة الطفولة، ولذا فإن تغذية الطفل في هذه المرحلة هي أساس بناء نمو عضوي ووظيفي للدماغ والجهاز العصبي.
وهاجس الأمهات والآباء في مراحل التعليم للأطفال هو نجاح أطفالهم في تحصيل أفضل ما يمكن من المعرفة، ويهتمون بالتالي بتوفير كل ما هو ضروري ولازم لبلوغ أطفالهم هذا النجاح، بدءا من اختيار المدرسة وتنظيم عمليات نومهم واستيقاظهم ولعبهم وترفيههم ومشاهدتهم للتلفزيون واستخدامهم للكومبيوتر وتوفير احتياجاتهم من الكتب والحقائب وغيرها، ويبقى على الأمهات والآباء الاهتمام بتغذيتهم.
غذاء العقل
هناك قائمة للأمهات والآباء عن تلك الأطعمة المفيدة للجسم بالعموم وللدماغ على وجه الخصوص، والتي يستفيد منها بشكل أفضل دماغ الطفل وتمكنه من الأداء بشكل أفضل في مراحل التحصيل العلمي.
– البيض: من تلك الأطعمة البيض، ويمتاز البيض بأنه منتج غذائي يحتوي على كمية عالية من البروتينات الأساسية، وأنه غني بالدهون غير المشبعة ويحتوي على الكولسترول المفيد لنمو دماغ الطفل، ولذا فإن حرص الأمهات على تناول أطفالهن للبيض، وخصوصا في وجبات الإفطار أو العشاء هو إحدى الخطوات الصحيحة في تغذية الأطفال. وبخلاف البالغين فإن الأطفال يحتاجون إلى الكولسترول، وخصوصا الأطفال ما دون سن سنتين من العمر لأن الكبد لديهم لم تكتمل قدراته بعد على إنتاج الكولسترول.
– الفول السوداني: ومن الأطعمة الأخرى الفول السوداني، وهو أحد البقول، والبقول كما هو معروف من المنتجات الغذائية الغنية بالألياف والبروتينات والسكريات والمعادن والفيتامينات، وبالإضافة إلى تلك العناصر فإن الفول السوداني من بين بقية البقول غني بالدهون النباتية غير المشبعة التي يحتاج إليها الدماغ، وخصوصا أنواع أوميغا، والفول السوداني غني كذلك بفيتامين (E)، ومجموعة أخرى من المواد التي تصنف جميعها ضمن المواد المضادة للأكسدة، والمواد المضادة للأكسدة ضرورية في حماية الدماغ ونموه بشكل طبيعي بعيدا عن التأثيرات السلبية لكثير من أنواع السموم والملوثات التي قد تختلط بالأطعمة في مراحل عدة من إنتاجها وإعدادها. وغنى الفول السوداني بالألياف يساعد الطفل في تنشيط وتسهيل عملية الإخراج، وبالتالي إعطاء راحة لذهن الطفل من معاناة الإمساك وتأثيراتها على الصفاء والنشاط الذهني.
والفول السوداني يتوفر على هيئة معجون يمكن إدخاله إلى مكونات الساندويتش للطفل أو ممزوجا بالحلويات وغيرها وخصوصا العسل، أو إضافته إلى السَلَطات أو شرائح الفواكه وغيرها.
ويجدر الاهتمام بالحساسية من الفول السوداني لدى الأطفال، هناك مؤشرات علمية على أن حساسية الفول السوداني مرتبطة بعملية التحميص، وتقل احتمالات الحساسية بتناول الفول السوداني الطبيعي وغير المحمص.
– البقول: وأسوة بالفول السوداني من البقول هناك الفاصوليا، التي يمكن تقديمها للطفل كبذور مطهوة أو مخلوطة بمكونات السلطات وغيرها من الأفكار المتعددة لتقديم الفاصوليا للطفل، والفاصوليا بالذات غنية بالبروتينات والنشويات التي تمد جسم الطفل بالطاقة المتوازنة، خصوصا مع غناها بالألياف، والمقصود بإمداد الطاقة المتوازنة أن وجود الألياف ينظم عملية امتصاص الأمعاء للسكريات ويبطئ من سرعة امتصاص الأمعاء لها، وبالتالي حينما يتناول الطفل الفاصوليا المسلوقة في وجبة طعامه للغداء مثلا فإن السكريات تدخل إلى الجسم بوتيرة متزنة ولفترة زمنية أطول، وبالتالي يسهل على الدماغ والأعضاء الأخرى الاستفادة من السكريات في تنشيط عملها. والفاصوليا المسلوقة أيضا مصدر غني بدهون أوميغا – 3، ومعلوم أهمية دهون أوميغا – 3 في تنشيط عمل الدماغ.
الغذاء الصحي
– الحبوب الكاملة: وهناك كذلك الحبوب الكاملة وغير المقشرة، كدقيق القمح، وتمتاز الحبوب كمصدر غني بالسكريات الممزوجة بالألياف، وبالتالي تمد الجسم بمصدر متواصل للطاقة يساعد الدماغ على العمل بنشاط وتركيز خلال ساعات التحصيل الدراسي، ولذا تناول شرائح الخبز المصنوع من الدقيق الأسمر، أو تناول حبوب الشوفان المطهوة والممزوجة بالعسل، أو تناول قطع المعجنات الحلوة المصنوعة من الدقيق الأسمر هي أحد مكونات الإفطار الصحي أو العشاء الصحي للطفل.
والحبوب الكاملة غير المقشرة تحتوي على طبقة قشرة الحبوب، وهذه الطبقة هي التي تتركز فيها المعادن والفيتامينات والألياف، ولذا تقشير الحبوب وصنع الخبز من الدقيق الأبيض يحرم الطفل من المعادن والفيتامينات والألياف التي هي من أهم فوائد تناول الحبوب.
– الخضراوات والفواكه: ومن الضروري أن تتنبه الأمهات إلى أن تناول الأطفال للخضراوات الطازجة على هيئة السلطة، والممزوجة بقليل من الليمون وزيت الزيتون هي أحد الأطباق الصحية الغنية بالمعادن والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة، وكذا حرص الأم على تناول الطفل للفواكه الطازجة، كشرائح التفاح وقطع الموز والبرتقال وثمار الفراولة والتوت وغيرها. والطفل يمكن بسهولة تعويده على تناول الفواكه بتنويعها وتقديمها له أثناء دراسته بالمنزل كوجبات خفيفة بين وجبتي الغداء والعشاء.
– اللحوم والألبان: واللحوم الحمراء والبيضاء، كلحم العجل ولحم الدجاج، هي مصادر غنية بالبروتينات والفيتامينات والمعادن وغيرها من العناصر التي تنمي الدماغ وتنشط عمله. وأيضا الحليب ومشتقات الألبان التي لا حدود لاستفاد جسم الطفل منها.
إن تغذية الطفل مهمة شاقة، وتبدأ من فهم الأم والأب للأطعمة الصحية وأنواعها وكيفية إعدادها بطريقة صحية، ثم يأتي الصبر في تعويد الطفل على تناولها وإقباله عليها، ومن ثم تفضيله لتناول تلك الأطعمة الصحية بالمقارنة مع الأطعمة السريعة غير الصحية.