الكاتب عيسى ماروك يصرح لـ “الموعد اليومي”: لهذه الاعتبارات لا يمكن تعويض الكتاب الإلكتروني بالكتاب الورقي… فوضى النشر لابد من ضبطها بتطبيق القوانين

elmaouid

عيسى ماروك من المبدعين الشباب في مجال الكتابة النقدية والشعر، صدر له لحد الآن ديوان شعري وكتاب نقدي، وقد خصص لهذا الأخير جلسة بيع بالتوقيع في معرض الكتاب الدولي في طبعته الـ 23.

وعن هذه المشاركة وأمور أخرى، تحدث الكاتب والشاعر عيسى ماروك لـ “الموعد اليومي” في هذا الحوار.

 

* ما تقييمك لمعرض الكتاب الدولي لهذا العام؟

** يبدو لي أن الإقبال على معرض الكتاب في طبعته لعام 2018 مقبول مقارنة مع ارتفاع الأسعار، ولعل الظاهرة الإيجابية التي لاحظتها هي الزيارات التي نظمتها الجمعيات والمدارس لفائدة الأطفال، مما يغرس في نفوس الناشئة حب الكتاب والمطالعة، كما كان حضور دور النشر العربية ملحوظ خاصة مع تزامنه مع معرض الشارقة، وهي نقطة إيجابية تسجل للجزائر.

 

* كيف كان اقبال القراء على جلسة البيع بالإهداء التي جمعتك بهم؟

** جلسة توقيع كتابي المعنون بـ “سيميائية العنوان دراسة في شعر ابراهيم موسى النحاس” وبالرغم من كونه كتاب نقدي متخصص، إلا أن مثل هذه الدراسات الجديدة نسبيا (العتبات النصية) مطلوبة خاصة من طرف طلاب الجامعة، وهي فرصة للقاء الأصدقاء من الكتاب والقراء في هذا المحج السنوي الذي يعد فرصة للتعرف على إصدارات جديدة للمبدعين والأكاديميين على حد سواء.

 

* ماذا عن أعمالك الأدبية التي أثريت بها المكتبة الجزائرية لحد الآن؟

** كتابي معنون بـ “سيميائية العنوان دراسة في شعر إبراهيم موسى النحاس” صدر عن دار أروقة للنشر والترجمة بمصر، ويتناول تجربة الشاعر المصري إبراهيم موسى النحاس، مركزا فيه على العتبات النصية وبصفة أدق العنوان كعتبة قرائية تحتل صدارة الكتاب وتقدمه للقارئ ، ولأن الشاعر اختار عنوان قصيدة من المجموعة وصدر به كتابه تطرقت إلى العنوان الموسع، أي أن القصيدة التي وضع عنوانها على الغلاف هي بيت القصيد وهي مدار الديوان ككل، وديواني الشعري صدر عن دار فيسيرا لصاحبها توفيق ومان سنة 2012 وهو باكورة إصداراتي وقد تناولته بالدراسة عدد من الجامعات الجزائرية، وهي لفتة مشكورين عليها لأنها تعرّف بالجديد في الساحة الثقافية.

 

* ما هو حال المقروئية في الجزائر خاصة في زمن الوسائل التكنولوجية الحديثة؟

** الحديث عن المقروئية في الجزائر يحتاج إلى مؤشرات لتحديده وغياب دراسات وبيانات تحدد نوعية الكتب التي تلقى رواجا والفئات المهتمة وحتى نوعية الكتاب (ورقي أم إلكتروني) يجعل الجواب خاضعا لرؤية شخصية وقناعات أكثر منه إجابة مقنعة ومنطقية، ولكن الملاحظ أن عدد الزوار كمؤشر أولي يضع الجزائر في مقدمة الدول العربية التي تحقق عددا يقارب المليونين. ورغم طغيان وهيمنة الوسائط إلا أن الكتاب ما زال يحقق أرقاما معتبرة في السوق وما زال النشر الورقي هاجس الكتاب لأن سوق الكتاب الإلكتروني لم تضبط بعد ولم تضع قدما في السوق، وفي كلتا الحالتين المستفيد الأكبر هو القارئ الذي يصله الكتاب بأقل جهد وأقل تكلفة مما يدعم المقروئية.

 

* حسب رأيك ما هو نوع الكتب التي يقبل عليها القارئ بكثرة وماذا عن نشاطك في اتحاد الكتاب الجزائريين؟

** حاليا أنا مكلف بالإعلام على مستوى الأمانة الوطنية لاتحاد الكتاب الجزائريين وأشرف منذ 2013 على الموقع الإلكتروني ووسائط الاتصال الاجتماعي التي تعتبر نافذة الاتحاد على العالم، خاصة في ظل الانتشار الرهيب لهذه الوسائل في التعريف بالأدب والأدباء والتواصل معهم وتتبع الأخبار الوطنية والدولية.

 

* أين هو دور اتحاد الكتاب فيما يحدث في الساحة الأدبية من فوضى النشر، وأصبح كل من هب ودب يصدر كتابا؟

** لست مخولا للحديث باسم الاتحاد لكن سأعطي رأيي..

قد يكون فعل الكتابة حقا للجميع تماما كالقراءة، لكن أعتقد أن النشر يحتكم لقوانين وتنظيمات حددتها الدولة ويبقى فقط تطبيقها، فالشرط الأساس لنشر أي كتاب هو موافقة لجنة القراءة وهنا يطرح السؤال: أي لجان القراءة؟ لذلك أعتقد أن فوضى النشر لابد من ضبطها بتطبيق القوانين، خاصة فيما يتعلق بحقوق المؤلفين وضرورة إمضاء عقود تضمن لكل طرف حقه، فما نسمعه من خروقات يندى لها الجبين ليس في المحتوى فقط بل حتى في شروط النشر.

 

* لجان القراءة هل هي موجودة في الميدان أم تخلى عنها الجميع؟

** أغلب دور النشر لا تعمل بها والكل يعمل بسياسة “ادفع واطبع”، للأسف فعلا اليوم دور النشر تطلب من صاحب الكتاب دفع الأموال مقابل طبع الكتاب وهذا واقع مرير للأسف.

 

* وما الحل في رأيك لهذا الواقع المر؟

** ما دام النشر منعدم لأن دور النشر لا تقوم بهذه المهمة المحورية في إيصال الكتاب للقارئ، وما دام الكتّاب لا يدركون ما لهم وما عليهم، لا أعتقد أن هناك حلا في الأفق.

 

* هل يمكن للكتاب الإلكتروني أن يعوض الكتاب الورقي؟

** على المدى القريب لا يمكن للكتاب الإلكتروني تعويض الكتاب الورقي لعدة اعتبارات، أهمها أن الكاتب ما زال بعيدا عن هذه الآلية مثله مثل أغلب الناشرين لأنها مغامرة غير محسومة العواقب عند الأغلب الأعم، وثانيها أن الجمهور العريض ما زال مؤمنا ومتمسكا بالكتاب الورقي وتغيير العادات القرائية يحتاج زمنا، كما يمكن أن تكون التكنولوجيا في حد ذاتها عائقا في الجزائر كالدفع الإلكتروني مثلا وسرعة تدفق النت.

تبقى نقطة أخرى وهي الكتاب المصور والذي يكون عادة قرصنة لكتب مشهورة ومطلوبة، وهو غير الكتاب الإلكتروني، وللأسف رغم أنه تعدي على حقوق الناشر والمؤلف معا، إلا أنه ظاهرة منتشرة بكثرة.

 

* ما رأيك في عزوف الطلبة عن البحث في الكتاب المتخصص في إجراء بحوثهم؟

** نحن نتجه إلى التخصص الدقيق أكثر فأكثر، وللأسف الباحثين بصفة عامة لم تعد الموسوعية التي عرف بها علماء العرب تستهويهم، ربما نلتمس العذر للباحثين الذين يشقون طريقهم لأن غزارة التأليف في التخصص يصعب مجاراتها، لكن بعد التحكم في زمام التخصص يجب توسيع دائرة الاهتمام.

 

* بكل صراحة هل مديرية الكتاب بوزارة الثقافة تقوم بدورها في الدفاع عن الكتاب ورواده؟

** للأسف ليست لدي المعلومة الكافية للإجابة على هذا السؤال.

 

* ما رأيك في مستوى ما ينجز اليوم من كتب في مختلف التخصصات؟

** لو أن ما ينتج يطبع لما وسعته المكتبات، كنوز كثيرة تبقى حبيسة الأدراج ويحرم منها القارئ والباحث، وفي الآونة الأخيرة بدأ الباحثون في الاتجاه صوب دور النشر العربية خاصة الأردنية لطباعة أعمالهم ورغم ما في الخطوة من نفع للقارئ والمكتبة العربية عموما، إلا أنه يصطدم بعقبات تحرم الجزائري الاستفادة منه.

هناك قطيعة بين المبدع والأكاديمي، من جهة لم تسهم الجامعة في القضاء عليها، كما أن هناك فجوة بين (الناشر) والقارئ من جهة أخرى، كل ذلك يدفعنا للمطالبة بإعادة النظر في سياسة النشر عموما.

 

* على ذكر دور النشر العربية التي أصبحت قبلة العديد من الكتاب الجزائريين، لماذا؟

** كل كاتب حلمه تحقيق انتشار واسع والوصول لأكبر عدد من القراء ولا يمكن لمؤلف ألا يبحث عن الشهرة خارج وطنه خاصة إذا أوصدت الأبواب في وجهه أو وجد إجحافا في حقه، فما بالك إذا وجد ظروفا أفضل للنشر ونوعية أحسن وضمانا لحقوقه كمؤلف، لو لاحظت نوعية ما يطبع في الجزائر في أغلب دور النشر ونوعية الطباعة في الخارج لأدركت السبب، كما أن الترويج للكتاب والمشاركات في المعارض الدولية والتوزيع سبب وجيه للتوجه لدور بعينها في الأردن ومصر خاصة.

 

* هل توافق الرأي الذي يقول إن دور النشر الجزائرية لا تفقه في ثقافة الترويج للكتاب الذي تتكفل بطبعه مقارنة بدار النشر العربية؟

** أنا أؤمن أن الجزائري إذا أراد شيئا أتقنه، ومن هذا المنطلق فليست المسألة متعلقة بمعرفة الطريقة المثلى للترويج أم لا، بقدر ما هي متعلقة برغبة صاحب النشر في الربح السريع، وهنا نستثني الجادين الذين يقدمون خدمات تليق بسمعة الجزائر والكاتب الجزائري وحتى في دول شقيقة المشكل مطروح ولكن بحدة أقل لأنه أصبح ظاهرة متفشية لما فتح الباب لكل من هب ودب لدخول عالم الكتاب.