سلط كتاب بعنوان “مجازر 8 ماي 1945 بالجزائر، الحقيقة الممنوعة”، من تأليف الكاتب الصحفي، كمال بن يعيش، الضوء على حقائق جديدة توثق تفاصيل مرعبة عن هذه المجازر التي تعكس وحشية المستعمر الفرنسي الغاشم.
ويعد هذا الكتاب الذي يقع في 412 صفحة ويضم 16 فصلا، الثاني حول نفس الموضوع، والذي هو نتاج تحقيق استمر لسنوات انتقل خلاله الكاتب عبر عدة مناطق من الوطن، واستمع لكثير من الشهادات الحية للضحايا وأقربائهم.
وبهذا الخصوص، أكد السيد بن يعيش أن مظاهرات 8 ماي 1945 “مست أغلب مناطق الجزائر ولم تقتصر على سطيف، قالمة وخراطة مثلما هو معروف، وإنما انتقلت إلى ولايات أخرى، وتم اعتقال عديد المتظاهرين وزج بهم في السجون”، مبرزا أن تلك المجازر “مكيدة مدبرة ومتعمدة ضد الشعب الجزائري الأعزل حتى لا يفكر يوما في الحرية والاستقلال”.
وأضاف في ذات السياق، أن الجيش الفرنسي “استعمل كل أنواع الأسلحة آنذاك لقمع المظاهرات السلمية على غرار القنابل والطائرات، وهو ما خلف عددا كبيرا من الضحايا يفوق بكثير -مثلما قال- العدد المتداول والمقدر بـ 45 ألف شهيد”، منددا بـ “مساعي فرنسا لتزييف التاريخ للتهرب من مسؤوليتها في الجرائم البشعة التي قامت بها طيلة فترة الاستعمار”.
ولفت الكاتب الى أن هذا الإصدار هو “حوصلة لبحث استمر لسنوات يحمل الكثير من الحقائق التي لم يتطرق إليها المؤرخون سابقا، كقضية الأيتام وعمليات النهب الواسعة التي طالت الأموال والمواشي والمجوهرات وغيرها، وأيضا استعمال الطائرات والبواخر في إبادة السكان، وكذا عمليات القمع والتقتيل التي استمرت لـ 19 شهرا بعد تاريخ وقوع المجازر”، إضافة إلى المقابر الجماعية، و”حتى الآبار والوديان -كما قال- تشبعت بجثث الأبرياء العزل باختلاف أعمارهم، بل هناك عائلات بأكملها أبيدت في تلك الفترة بوحشية ودم بارد”.
ولأن هذه المجازر “لا تزال تسودها الكثير من الضبابية”، كشف السيد بن يعيش عن نيته في استكمال البحث وإعداد مؤلف ثالث بعنوان: “مجازر 8 ماي 1945 بالأرشيف”.
وبحسب بن يعيش، فإن المطلوب منا الآن، مادام أننا لم نكتب شيئا، ولم نقل شيئا عن مجازر 08 ماي ولم نف هذه الحقبة حقها باعتبارها شرارة ثورة نوفمبر المجيدة، كتابة وتدوين، وإعطاء الباحثين والمتخصصين والأكاديميين والصحفيين والمهتمين بالشأن التاريخي الإمكانيات والمساعدة والدعم والعناية الكاملة للقيام بأعمالهم، من أجل الترويج لذاكرة الشعب الجزائري العظيم أحسن ترويج.
ويضيف أن الجزائر أعطتنا كل شيء ومن واجب الجميع أن يعطي ما باستطاعته، ومن واجب المثقف والأستاذ والآباء المجاهدين أن يتركوا شيئا للأجيال القادمة وإيصال الذاكرة إليهم وتبليغهم مآثر وبطولات ومعاناة السلف الصالح وذاكرة الشهداء والمجاهدين.
كمال بن يعيش هو صحفي كاتب وباحث في التاريخ، من مواليد 26 جوان 1959 بسطيف، بدأ اهتمامه بتوثيق هذه المجازر في 2005 في إطار تحقيق صحفي بمناسبة إحياء ذكرى تلك المجازر، وسرد بلغة الجوارح في كتابه تفاصيل مؤلمة عن تلك الوقائع، مستندا على شهادات أزيد من 70 شخصا ومستعينا بمراكز الأرشيف.
ب\ص