قالت الكاتبة الأردنية رزان إبراهيم “إن رواية نساء كازانوفا لواسيني الأعرج تحمل ما يكفي من معطيات تدفع الدارس في اتجاه التركيز على الديناميكية النفسية لأفرادها، وقد أفــــرزت العلاقة الضــدية بينهما الكثير من السلوكيات العدائية”.
وأضافت رزان “أن هذا الأمر يستدعي استبصارا وتأملا لما يمكن أن نعده عوامل تحريضية، لها تداعياتها الخطيرة على المجتمعات، فالرواية تتحرك بأحداثها عبر شخوص أو عناصر غير متساوية القوة، رجالا ونساء وآباء وأبناء وسادة وعبيدا أو خدما، وكان كازانوفا بطل الرواية الرئيسي قد ترك وصية قبيل موته يطلب فيها الإتيان بنسائه اللواتي كن له وكان لهن على شرع الله ودينه، كي يتسامح معهن قبل أن يغادر الحياة”.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الرواية تنقسم على نحو أساسي إلى فصول تكون البطولة في كل واحد منها لشخصية نسائية، تترك لها الفسحة كاملة كي تبوح بما في قلبها دون أدنى خوف، فكازانوفا في هذه الأثناء بسبب مرضه ـ الجلطة الدماغية ـ “فقد الكثير من وهجه وأصبح مثل هيكل عظمي”، وبالتالي فإن الرواية تفتح الباب بكامل دفتيه لتفصح كل واحدة من نسائه عما في داخلها بحرية كاملة.
وأردفت الكاتبة أن “بالتوازي مع هذا البوح النسائي يجري وعلى نحو محتدم بين أبناء كازانوفا موضوع تعيين خليفة يرأس إمبراطوريته المتشعبة، وهي مهمة يتزعمها الأخ الأكبر الذي يتحكم في توزيع الأدوار بحكم سنه”.
وأفادت الكاتبة رزان “أن وفق تأويل العمل، يتجلى حضور منطق فني يسمح بتعامل أكبر يمتد ليربط الانسان العربي بعالمه، فالمرأة بكيانها الإنساني ومشكلاتها النفسية حاضرة بالتوازي مع مستوى سياسي، يبدو في علاقات “كازانوفا” بنساء معظمها ذات طابع سلطوي متجبر، بما يفتح بابا تنسحب معه طبيعة هذه العلاقات على أخرى يحكمها مبدأ الاضطهاد والسيطرة، وعليه فإن صورة كازانوفا تنطبق تماما على صورة الطاغية المستبد، وهو ما يتضح من دلالة ما تقدمه نساء كازانوفا من بوح من خلال مواجهات أفضت إلى وصفه بـ “طاغية”.
وخلصت الكاتبة إلى القول “أن مواجهة كالتي شهدناها في “نساء كازانوفا” ما كان لها أن تكون لولا سياق ينقلب فيه الشيء إلى ضده، هنا تحضر لعبة قلب الأدوار في أقسى حالاتها حين يلبس السلطان وهو في حالة مزرية من التحلل والتفسخ، دور الضحية المخدوع، وينقلب من فاعل في التاريخ إلى مفعول به، فينتقل من الجلاد إلى الضحية، ومن اللاعب إلى الملعوب به”.