مع أسماء الله الحسنى

القوي

القوي

القوي جل جلاله: هو الذي لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب، ولا يَردُّ قضاءه رادٌّ، ينفذ أمرُه ويمضي قضاؤه في خلقِه، شديد عقابه لمن كفَر بآياته وجحد حججه. وهو الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته، ويتضاءل كل عظيم أمام عظمته. حق القوي المتين جل جلاله:

– أن تستمدَّ قوتك منه وحده، معتقدًا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله: قال تعالى: “وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ” البقرة: 165، فالقوة الحقيقية كلها لله، لا تُستمدُّ إلا منه، وهذه حقيقةٌ سوف يُدركها الغافلون يوم يرون عذاب الله بأبصارهم فيعلمون حينئذٍ علمًا جازمًا أن القوة لله جميعًا، وقد عميتْ أبصارهم في الدنيا عن رؤية شواهد قوَّته ودلائل قدرته، فعلَّقوا قلوبهم بما لا يُعطي ولا يمنع ولا يرفع، ولا يملك لنفسه فضلًا عن غيره شيئًا. فالقوة كلها لله، والعزيز مَنْ أعزَّه، والذليل مَنْ أذلَّه، والقوي من قوَّاه، والمنصور مَن نصره، والمخذول مَن خذله؛ قال تعالى: “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ” هود: 52.

– ألا يطغى الإنسان بقوَّته، وينسى ضعفه وعجزه: كثير مِن الناس يُعطيه الله تعالى القوة والمنعة والمال والجاه، فيَطْغى ويستكبر في الأرض، وينسى بدايته وعجزه، وينسى قدرة الله وقهره وبطشه، وقد حكى الله تعالى لنا عن كثيرٍ مِن هؤلاء، منهم قوم هود: قال الله: “فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ” فصلت: 15، فماذا كانتْ عاقبة أمرهم؟ “فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ” فصلت: 16.