يتحدث في هذه الأيام العديد من الأولياء عن قضية عودة ظهور حشرة القمل في المحيط المدرسي بشكل يثير قلقهم وفزعهم، وهذا نتيجة حتّمية انتقالها من شخص إلى آخر بسرعة كبيرة ودون سابق إنذار، حيث يكفي فقط مجالسة أو معانقة ذلك المصاب ليصبح هو أيضا ضحية للسعات القمل المزعجة، ولأن هذه الأخيرة تعتبر غير محبذة في مجتمعنا الجزائري نظرا للانعكاسات السلبية التي تحدث لملتقطيها ولأنها عادة ترمز لانعدام النظافة، فلا أحد فينا يرغب في أن تنتقل إليه.
تعد فئة الأطفال أكثر الشرائح عرضة لعدوى القمل، خاصة منهم المتمدرسين، نتيجة للاحتكاك بينهم لأوقات طويلة، والاكتظاظ الكبير في الأقسام، ما يسهل انتقال العدوى من طفل إلى آخر في وقت قياسي، كما أن لغياب النظافة وإهمال الأولياء دور كبير في انتشار هذا الداء، الذي يرجعون سببه للأطفال القادمين من المناطق الريفية وكذلك الأحياء الفقيرة التي تغيب فيها شروط النظافة.
أمهات يلجأن إلى طرق بدائية للقضاء على القمل
تنتاب الأمهات الجزائريات في الآونة الأخيرة حالة شديدة من الذعر والقلق، بعد اكتشافهن أن رؤوس أطفالهن أصبحت مرتعا لحشرة _القمل_، ومما يزيد الأمر تعقيدا أن الأمهات أصبحن يلجأن إلى طرق بدائية وتقليدية في معالجة هذه العدوى، وهو ما قد يشكل تهديدا حقيقيا لصحة الأطفال مثل رش رؤوسهم بمبيد الحشرات أو استعمال حرارة مجفف الشعر للقضاء عليه، وهذا حال السيدة خديجة أم لتلميذتين في الابتدائي، حيث التقينا بها أمام ابتدائية محمد بوراس بعين النعجة بالجزائر العاصمة لأخذ ابنتيها التي قالت لنا _كل يوم أتفقد بناتي لخوفي من العدوى، فمعظم صديقاتهن أصبن به وأنا خائفة عليهما_، وهو نفس حال السيدة أمينة التي قابلناها أمام المدرسة وأخبرتنا أنها تأتي كل يوم لأخذ ابنتها التي كانت مصابة بالقمل بعد أن أوقفتها عن الدراسة لمدة أسبوع واعتنت بها جيدا في المنزل، فكل يوم تملأ شعر ابنتها بالخل وزيت الزيتون وهي الآن متخوفة من أن تصاب مرة أخرى، وقابلنا أيضا السيدة إيمان التي جاءت لأخذ ابنة أختها من المدرسة وقالت: _جئت لأخذ ابنة أختي المقيمة عندنا حاليا بسبب بنات عمها المصابات بالقمل والساكنات معها في نفس المنزل وبسبب خوفنا عليها لم نستطع تركها معهن_، وقابلنا أيضا الخالة حورية التي أخبرتنا عن الحادثة التي مرت بها _عندما علمت أن ابنتي مصابة بالقمل قمت برش مبيد الحشرات على شعرها فأصيبت بدوار و ضيق التنفس ووقعت مغميا عليها، وعند نقلها إلى مستشفى _مصطفى باشا _ أخبرنا الطبيب المكلف بحالتها أنه حدث لها ضعف في نبضات قلبها بسبب استنشاقها لرائحة المبيد وطلب منا إبقاءها في المستشفى يومين للتأكد من استقرار حالتها _، وبعدها انتقلنا إلى مدرسة _مولود قاسم آيت بلقاسم_ بالحي المجاور وتوقفنا عند السيد علي أب لتلميذة في الثالثة ابتدائي، حيث أخبرنا عن الأجواء السيئة في منزله بسبب ابنته المصابة بعدوى القمل _كل يوم زوجتي تتفقد الأولاد تخوفا من عدوى القمل التي أحضرتها ابنتي الصغيرة من المدرسة، فقد قصت زوجتي شعر بناتي الثلاث وأنا كل يوم أحضر الشامبو المضاد للقمل، ونحن الآن نعيش حالة طوارئ لحين تنتهي هذه المشكلة”.
وبعد حديثنا مع السيد علي دخلنا إلى المدرسة وقابلنا الأستاذة صفوان سهام تُدرّس السنة الأولى ابتدائي التي قالت _ كل يوم أقوم بتفقد التلاميذ وعند وجود حالة عدوى أقوم بالاتصال بوالديه وأخبرهم بحالة ابنهم_، أما مدير المدرسة فأجاب عن سؤالنا المتعلق بالدور الذي تلعبه المدرسة حيال هذا الموضوع بقوله _الأساتذة يقومون بواجبهم وكل يوم يتفقدون التلاميذ للتقليل من العدوى والإدارة بواسطة الطبيب المختص في الطب المدرسي تقوم بتوعية الأهل وإرشادهم إلى الطرق الصحيحة لمعالجة هذا الوباء”.
الدكتورة “آسيا مازية” تقدم أهم النصائح للقضاء على القمل
يوجد عدة طرق يمكنها القضاء على القمل نهائيا، وأول طريقة يمكن اتباعها هي تحضير كميتين متساويتين من الخل وزيت الزيتون اللذين ثبت علميا قدرتهما على قتل القمل، لذلك علينا بوضع المقادير داخل وعاء ثم نستخدم منه الكمية المناسبة لطول الشعر ثم نقم بتدليك فروة الرأس وخلف الأذنين وعند قاعدة العنق ثم نتركه لمدة ساعة، ثم نغسل الشعر بالشامبو المضاد للقمل وتمشيطه بواسطة مشط ذات أسنان رفيعة و متقاربة لإزالة جميع القمل وبيضه من الشعر، أو اتباع طريقة أخرى وهي استخدام الخل، علينا بنقع الشعر في الخل ونتركه لمدة خمس دقائق ثم نقوم بتجفيف الشعر بمنشفة ثم نستعمل مشطا ذات أسنان رفيعة ومتقاربة لإزالة جميع القمل من الشعر، وعلينا بتكرار هذا العلاج كل ثلاثة أيام ولمدة أسبوعين للقضاء على القمل نهائيا.
والطريقة الثالثة هي استعمال المايونيز لأنها تقدر على خنق القمل حتى الموت، لذلك علينا أولا غسل الشعر جيدا بالشامبو المضاد للقمل ثم نقوم بوضع المايونيز على فروة الرأس ونغطيها بمنشفة ونتركها لمدة يوم ثم نقوم بغسل الشعر جيدا ثم نمشطه بالمشط ذات الأسنان الرفيعة المتقاربة للتخلص من القمل نهائيا.
وللوقاية من القمل، علينا بأن نقوم بفحص دوري ومنتظم لشعر الأطفال، لأنه يساعد بشكل كبير في الكشف المبكر عن الإصابة بالقمل، فنستطيع إعطاءه العلاج المناسب ونتجنب انتقال العدوى إلى باقي أفراد العائلة، وإذا لاحظنا إصابة أحد الأطفال بالقمل، فعلينا عدم الاقتراب منه كثيرا وعدم استخدام أغراضه الشخصية مثل المشط والقبعة وعدم التلامس معه في فترة العلاج، حيث من شأن ذلك التقليل من خطر الإصابة بعدوى القمل.
البصل والكافور وزيت الخزامى
تنشر سيدات، على صفحات الفايسبوك واليوتيوب، الكثير من الوصفات المجربة والتقليدية، لمحاربة القمل وسط الأطفال، فتتفاعل معها الآلاف من المعنيات. البعض، يرى أن الوصفات التقليدية هي أقصر الطرق لمحاربة الظاهرة، على خلاف العلاجات الصيدلانية الباهضة الثمن، التي تكون نتائجها محدودة، إن لم نقل منعدمة.
فأول وصفة مجربة، تقول لنا إحدى السيدات، إن ابنتها عانت من القمل لمدة ثلاثة أشهر كاملة، بعد أن استخدمت محلولا صيدلانيا وبعض أنواع الغاسول، لم تتوصل إلى نتيجة، لكن الوصفة التقليدية الشهيرة، وهي مسحوق الكافور مع زيت الزيتون لتشكيل خليط، يوضع على الشعر، ويدلك جيدا، مع تغطية الرأس، لمدة ساعتين إلى أربع ساعات.. يختفي القمل نهائيا.
زيت الخزامى
حسب أخصائي أعشاب، فإن وضع قليل من زيت الخزامى يوميا خلف أذني الطفل، يمنع انتشار القمل أو إصابته به، لأن رائحة الخزامى ومستخلص الزيت الطبيعي هو أقوى مضاد للقمل.
الملح والخل
من أشهر الوصفات المعروفة منذ القديم، الخل الأبيض.. يقال إنه يقضي على القمل، حيث يرش الفراش والوسائد بالخل قبل غسله للتخلص من القمل، إما على الشعر فيوضع على فروة الرأس ويدلك جيدا، والبعض يخلط ملعقة من الملح مع ملعقة خل أبيض، ويوضع على الرأس، ويغطى ببلاستيك لمدة ساعة إلى ساعتين.. وهو علاج ناجح ومجرب.
الزعتر المرحي، الفلفل الأسود، البصل والبيكاربونات
كانت الجدات تستخدم الكثير من الوصفات الغريبة التقليدية، لكنها مجربة بنجاح، فلم نكن نسمع حديثا مطولا عن انتشار القمل بهذا الشكل، خاصة استعمال زيت الزيتون باستمرار في الشعر، فهو أولا أقوى مضاد حيوي، وثانيا، هو من بين العناصر الطبيعية المغذية والمقوية للشعر. واكتشف أيضا أنه مقاوم لانتشار القمل، فنجد الأمهات يخلطنه مع عدة وصفات في محاربة هذه الحشرة الصعبة، فيخلط مع الفلفل الأسود، ويدلك به فروة الرأس، أو يخلط مع عصير البصل لمدة ساعة قبل الاستحمام، أو كذلك، يستخدم زيت الزيتون مع البيكربونات ويوضع على الشعر المبلل لمدة من الزمن ثم يغسل. وتؤكد هذه التجارب والوصفات التقليدية أنها أسرع وأنجح في القضاء على القمل نهائيا وسط الأطفال.
لمياء بن دعاس
