القضية الفلسطينية في هوليوود.. بين مناصرة للصهيونية تاريخياً ووقوف محتشم مع العرب 

القضية الفلسطينية في هوليوود.. بين مناصرة للصهيونية تاريخياً ووقوف محتشم مع العرب 

لطالما لعبت هوليوود، دوراً محورياً في تشكيل الوعي الغربي وخصوصاً الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، ولم يقتصر دور هوليوود على إنتاج الأفلام التي تناولت الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي فحسب، بل إن نجوم هوليوود كان لهم أثرٌ على الجمهور ورأيه عبر تصريحاتهم المرتبطة بهذا الصراع.

وعلى سبيل المثال، لاقت أحداث حي الشيخ جرّاح في القدس وما تبعها من اشتباكات في غزة، حضوراً على لسان كبار نجوم العالم. وشكّل حينذاك وقوف عددٍ كبير من النجوم في صفّ الفلسطينيين، ظاهرة استثنائية. وتضم قائمة المشاهير الذين تضامنوا مع القضية الفلسطينية، كلاً من فيولا ديفيس، الحائزة على جائزة أوسكار، ولينا هيدي، وجاك فالاهي، ومارك رافالو، وغيرهم من نجوم وصنّاع السينما في هوليوود. تاريخياً، وقفت غالبية إنتاجات السينما الأمريكية في صالح إسرائيل، مقابل أفلام قليلة كانت تنتج بين حين وآخر، تتميز بنظرة مختلفة للصراع ككل. وقد يعود السبب في ذلك إلى ارتباط شركات الإنتاج في هوليوود بإسرائيل. وتشير كتبٌ ودراسات كثيرة، إلى تأسيس اليهود المهاجرين من أوروبا لعشرات شركات الإنتاج والإستديوهات في هوليوود. ففي عقد الخمسينات، حضرت مجموعة من الأفلام التي روّجت لقضية بناء الدولة اليهودية في فلسطين، وقدّمت تلك الأفلام قصصها بطريقة كلاسيكية لا تخلو من الأسلوب الدعائي. فيلم المشعوذ المنتج سنة 1953 عن رواية ميشيل بلانكفورت، يعتبر نموذجاً عن تلك الدعاية، وهو أول فيلم يتم تصويره كاملاً في فلسطين. ومع عدم تعرّض النقّاد إلى التوجه الدعائي الواضح في الفيلم، فإن أثره بقي واضحاً في السينما. فلا يمكن أن يذكر تاريخ الدور الصهيوني في السينما الأمريكية، إلا بالمرور على هذا الفيلم، كمحطة رئيسية. وتحوّلت القضية في العقدين الأخيرين لتكون جزءاً من إنتاجات حديثة، كان لها حضورٌ وأثرٌ كبير في المجتمع الغربي، أو الأمريكي على أقل تقدير. ويعد المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ من المخرجين البارزين الذين قدموا أفلاماً تناولت هذا الجانب. ولعل فيلمه ميونيخ المنتج سنة 2005 من أهم الأفلام التي قاربت الصراع العربي الإسرائيلي من منظور مختلف نسبياً عن الكلاسيكيات المعهودة في هوليوود. الفيلم لاقى انتقادات من مختلف الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية. فهو من جانب قدّم الإسرائيليين كضحايا تاريخيين بسبب ما مرّوا به. ومن جانب آخر، يقدّم الفيلم مفهوم الانتقام وسالرد على الإرهاب بالإرهابس من خلال عمليات الاغتيال المتتالية للقادة الفلسطينيين المسؤولين عن تنفيذ عملية ميونيخ 1972 التي قتل فيها 11 إسرائيليا رياضياً كانوا سيشاركون في دورة الألعاب الأولمبية القائمة في المدينة الألمانية حينذاك. فيلم ميرال، المنتج سنة 2010 للمخرج الأمريكي جوليان شنابل، يختلف كلياً عن إنتاجات هوليوود الخاصة بقضية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.. الفيلم عُرض في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وواجه انتقادات إسرائيلية كثيرة، بل وشكاوى رسمية واتهامات بتواطؤ في الأمم المتحدة لتسويق الفيلم. ولم يكن الفيلم هوليوودياً بحتاً، بل كان من إنتاج فرنسي-إسرائيلي-إيطالي-هندي مشترك. ولا يمكن اعتبار الفيلم انطلاقة نحو سينما أكثر عدالة فيما يخص القضية الفلسطينية، بل يمكن ببساطة تصنيفه كاستثناء غير وحيد، وسط سينما عالمية ترى المشهد الفلسطيني بعين إسرائيلية. وفي نهاية المطاف، يمكن القول، إن السينما الأمريكية فردت مساحة كبيرة للأفلام المناصرة للصهيونية تاريخياً. وكانت الرسالة مستمرة البث، هي دعم حق الصهاينة بتأسيس دولتهم ومناصرة هذه الدولة ودعم كل ما تقوم به من أعمال. وفي الوقت الذي سعت فيه هذه السينما إلى تبرير سلوكيات إسرائيل، فإنها شيطنت الفلسطينيين ولم تترك سوى مساحة بسيطة لأفلام مناصرة لهم لم تحمل الأثر الكبير في تشكيل رأي عام أمريكي ينظر بطريقة عادلة تجاه القضية الفلسطينية.