يُلزم القانون الجزائري سائقي الحافلات بامتلاك حقيبة الإسعافات الأولية ويُسلط على المخالفين عقوبة مالية وسحب رخصة السياقة، إلا أن غالبية سائقي الحافلات الخواص -إن لم نقل كلهم- لا يعيرون أهمية لحقيبة الإسعافات الأولية، ولا يضعونها إلا تجنبا للعقوبة، وفي هذه الحالات تكون مغطاة بالغبار وتحوي مقتنيات منتهية الصلاحية، في حين يؤكد الغالبية أن استعمالها يكون في حدود ضيقة، خاصة وأن الحالات التي تتطلب
الإسعاف يتم توجيهها إلى المصالح الاستشفائية، لجهلهم بأبجديات الإسعاف، وهذا ما تأكد لنا من خلال الاستطلاع الذي قمنا به عبر محطات النقل بالعاصمة، حيث أكد كل سائقي حافلات النقل الخاص أنهم يمتلكون حقيبة الإسعافات الأولية فقط لتجنب سحب رخصة السياقة ولكنهم لا يستعملونها مطلقا، فالحوادث التي يتعرض لها الركاب قليلة – حسب قولهم -، كما أن الركاب يرفضون أن يقوم سائق الحافلة أو القابض بإسعافهم سواء لعدم الثقة بمعرفة السائق بأمور الإسعافات الأولية أو لانعدام النظافة الواضح من حقيبة الإسعافات الأولية المتسخة في غالب الأحوال، وهو ما قالته لنا الآنسة “نادية” التي التقيناها بمحطة الحافلات بساحة أول ماي، حيث أكدت أنها تفضل التوجه إلى مصلحة الاستعجالات على أن يقوم سائق حافلة منعدمة النظافة بإسعافها.
بين جهل السائق وتخوف الراكب
وتضاربت آراء السائقين حول مفهومهم لمبادئ الإسعافات الأولية، ففي حين يرى البعض أنها بسيطة وليست سوى تعقيم الجرح بالكحول، ووضع بعض القطن عليه، يرى البعض الآخر العملية أعقد من ذلك ويتحرجون من القيام بها خوفا من أي تعقيدات كتعفن الجرح أو أن يتسبب في الكسر للراكب الذي يتخوفون من ردة فعله خاصة إذا كان المتسبب في الحادث هو السائق أو القابض.
وفي هذا السياق، روت لنا السيدة يمينة حادثة وقعت لسائق حافلة كانت تقلها من الحميز إلى العاصمة، هذا السائق أغلق الباب على يد أحد الركاب، فجُرحت أصابعه، وعندما حاول السائق إسعافه تشاجر معه الراكب باعتباره من تسبب له في الحادث.
رفض الركاب يعيق العملية وليس الجهل بمبادئ الإسعافات الأولية
يحرص كل سائقي الحافلات على امتلاكهم لحقيبة الإسعافات الأولية، ليس بغرض استعمالها وإنما خوفا من سحب وثائقهم وتجنبا للدخول في مناوشات مع رجال الأمن، أما فيما يتعلق بتعلم مبادئ الإسعافات الأولية، فأكد كل من تحدثنا إليهم من سائقين وقابضي التذاكر، أن الإسعافات خطوات بسيطة، وأنهم لا يحتاجون إلى من يساعدهم على تعلّمها، و لكن رفض الركاب تطبيقها هو المشكل الذي يصادفهم.
سائقو الحافلات بحاجة إلى دورات تكوينية لتعلم الإسعافات الأولية
بينما يعتقد سائقو الحافلات أن الإسعافات الأولية بسيطة ولا تحتاج لتعلم، يرى عبد القادر بوشريط رئيس الفيدرالية الوطنية لنقل المسافرين والبضائع، أن ادعاء بعض الناقلين معرفتهم بمبادئ الإسعافات الأولية مغالطة كبيرة، معتبرا أن وجود حقيبة الإسعافات الأولية المملوءة بالأدوية شرط لازم لكل وسائل النقل الخاصة بالركاب، وعدم وجودها أو الاحتفاظ بالحقيبة فارغة يعرّض صاحبها للمتابعة القانونية، وهو أمر، حسب ذات المتحدث، يلتزم به الناقلون مؤخرا خوفا من رقابة الشرطة، أما عن معرفة السائقين لمعنى الإسعاف، وهو الإشكال الذي يُطرح، إذ يتحتم عليهم معرفة كيفية استعمال هذه المعدات الطبية، فمثلا لا يمكن وضع محلول التعقيم أو الكحول على بعض الجروح، وكذا خيط وقف النزيف، هنالك من يجهل الحالات التي يتم استعماله فيها، ومن هنا يأتي الحديث عن التكوين في مجال الإسعاف الذي يُعتبر اليوم مع ارتفاع حوادث المرور، مسألة ضرورية؛ لذا أقترح أن يتم تنظيم دورات تكوينية تشرف عليها مصالح الحماية المدنية والهلال الأحمر الجزائري، لتعليم السائقين بعض خطوات الإسعاف؛ حتى لا تظل الحقيبة مجرد ديكور في الحافلة؛ خوفا من الرقابة الأمنية.
محتويات حقيبة الإسعافات الأولية.. للجروح وللآلام أيضا
تحتوي علبة الإسعافات الأولية، على بعض الأدوات الضرورية التي يتم اقتناؤها من الصيدلية، والمتمثلة في محلول التعقيم، القطن، الضمادات، المقص وخيط إيقاف النزيف، ومؤخرا أضيفت للقائمة أقراص ألم الرأس خاصة بالنسبة للسائقين، الذين يقومون برحلات طويلة، ليستعملها السائق أو الركاب.