قالت القاصة والصحافية الجزائرية، فايزة مصطفى: “إن منطلق القصة القصيرة يكون من حالة انسانية تصادفنا في حياتنا اليومية أو من حكاية واقعية أثرت فينا أو من حلم.. فبالنسبة لي، أول ما تكتب القصة، في داخلي، ثم يتواصل سيرها إلى أن أجد الفرصة المناسبة لتدوينها على الورق، وهي لحظة مميزة لدى كل كاتب حيث يخلق شخوصا متخيلة ويوصل عن طريقهم أفكارا للناس، وكل فنان سواء كان شاعرا أو روائيا أو قاصا أو مخرجا
سينمائيا، إنما يروي من خلال فنه قصة، والبشر عبر العصور والحضارات أحبوا سماع القصص”.
وعن طبيعة أو مصدر شخصياتها ومصدر قصصها، تقول فايزة: “نحن لا نكتب من العدم، فأنا على يقين بأن كل شخصية متخيلة في أي عمل فني أو أدبي ما، وجدت أو ستوجد توجد قرينتها في هذه الحياة، فما من عمل سواء الروايات أو الأفلام أو الأعمال المسرحية، إلا و هي انعكاس للواقع”، مضيفة أن “ما أعترض عليه بشدة هو الرابط الذي يتشكل لدى المتلقي قارئا كان أو مشاهدا بين المبدع والدور الرئيسي في الرواية أو القصة وخاصة الفيلم وكأن الممثل حكم عليه من أول دور أساسي أداه.. وأنا أركز في قصصي على الشخصيات البسيطة، فالفقراء والمجانين والمهمشون والمستضعفون هم سر هذه الحياة، كما أنهم يشكلون منبعا أساسيا يلهم المبدع ومثلا أعلى للبشرية جمعاء، فهم مناضلون متحررون يواجهون الظلم ويحاربونه وتحمل حياتهم العديد من العبر
والأسرار والحكم”.
وأكدت الكاتبة أن “أي حياة عادية مهما كانت بسيطة تشكل عملا إبداعيا عظيما، حيث أن التفاصيل الثانوية من حياتنا هي أفكار فلسفية، فكونها انطلقت من قصة حقيقية ذات بعد انساني وكانت مروية بسلاسة فستعجبنا، المهم هو ألا تتغلب المؤثرات على الأسلوب والبلاغة، وبالنسبة لي، فإن الواقع أكثر وقعا في النفس من الخيال”.
وعن أعمالها الصادرة، قالت فايزة مصطفى: “لقد احتوت مجموعتي القصصية الأولى قصصا قصيرة، أما عملي القصصي الثاني “البراني” فكان على شكل قصص طويلة، ركزت فيها على التفاصيل والبعض قد شجعني على دخول عالم الرواية، إلا أنني اخترت أن أبقى وفية للقصة خاصة بعد غلبة الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والشعر على المشهد الأدبي في الجزائر وفي العالم العربي أجمل، وإيمانا مني بأن المستقبل سيكون لصالح القصة القصيرة في السنوات القادمة، وأنا أرى أن كتابة القصة القصيرة ليست بهذه السهولة مقارنة بكتابة الرواية، حيث أن كاتب الرواية بإمكانه توظيف الحوار والشعر لتجميل وتأثيث نصه، وأما الشخوص في القصة القصيرة فهي مقيدة”.
وعن أهمية القصة من الجانب النفسي أو تأثيرها الإيجابي على نفسية القارئ، تقول القاصة “إن جميع الحضارات القديمة أدركت قوة الكتابة ولغزها، وإن كل من الكتابات الهيروغليفية المنقوشة على الآثار الفرعونية، والحروف المسمارية على الآثار البابلية، ورسوم التيفيناغ التي نقشت على جبال الأهقار، تدل على أن الانسان الأول أدرك سر هذه الكتابة التي صارت شفرات تروي حياتهم وتعرض أفكارهم وتؤرخ لهم ولإنجازاتهم العظيمة، ولذلك أقول إن الكتابة هي إرث انساني توارثته الأجيال وعلينا أن نؤرخ لحياتنا الحالية ونطرح كل إشكالياتها للنقاش إنطلاقا من الحالات النفسية كالقلق وسواء كتبنا عن الواقع أو الخيال أو أننا كتبنا عن الماضي أو المشاكل الراهنة أو المستقبل، فستبقى الكتابة سلوكا حضاريا، وكلما يقرر أحدنا الكتابة فسيكون ذلك توثيقا وتخليدا للحظة تاريخية”.