القاتل الصامت الذي يعود كل سنة… ضحايا الاختناق بالغاز في تزايد مستمر تزامنا مع حلول فصل الشتاء

elmaouid

يتحول الغاز من نعمة إلى نقمة مع دخول فصل الشتاء، وعلى الرغم من الحملات التحسيسية بمخاطره، نجد أن الحوادث المنزلية الناجمة عن الاختناق بالغاز في تفاقم مستمر، ولعل لتلك الكوارث أسباب متعددة

ساهمت في تفاقم الظاهرة في فصل الشتاء، وهو الموسم الذي تحتاج فيه كل الأسر إلى أجهزة لمقاومة صقيع البرد، إلا أنها تسقط في فخ الأثمان البخسة لبعض الأجهزة المقلدة التي امتلأت بها أسواقنا بكثرة في هذه الأيام، فيدفع البعض أرواحهم مقابل الاستفادة من دنانير معدودة، إلى جانب انعدام الرقابة الدورية على شبكات توصيل الغاز المثبتة في المنازل على الرغم من انطلاق تلك الروائح التي تنذر بحصول الكارثة إلا أن البعض لا يبالي بذلك.

 

تواصل شبه يومي لسقوط الضحايا

وقد ارتفعت حصيلة الوفيات بسبب الحوادث المنزلية، ولم تعد تقتصر فقط على الأطفال بسبب عدم إدراكهم لخطورة الغاز والكهرباء لتمتد إلى كبار السن في مقدمتها ضحايا الاختناقات بالغاز، فعلى الرغم من التحذيرات التي تطلقها المصالح المختصة على رأسها الحماية المدنية بشأن مخاطر الغاز، أو القاتل الصامت، نجد أن مصالحها في كل مرة تخرج بإحصائيات صادمة تكون أحيانا لعائلات أبيدت بأكملها.

وتأتي تلك الإحصائيات المخيفة في خضم الحملات التحسيسية التي تنطلق فيها المصالح المختصة، وكذا الومضات الإشهارية عبر القنوات الإذاعية والتلفزيونية لتجنب تلك الحوادث المميتة، إلا أننا نتفاجأ بتلك الإحصائيات المفزعة والرهيبة مع حلول فصل الشتاء من كل سنة. ولعل للعامل البشري دور في ارتفاع تلك الإحصائيات لاسيما وأن الكل صار يلهث وراء الأجهزة المقلدة المنخفضة الثمن بدل اقتناء أجهزة أصلية، فهي على الرغم من غلائها تضمن السلامة في استعمالها، لكن نجد ومع انعدام الرقابة انتشار بعض الأجهزة على غرار المدافىء بما فيها المركزية أو الخاصة بالحمام المنزلي، بحيث عادة ما يلهث المواطنون وراء رخص الثمن ليدفعوا حياتهم ثمنا بعد ذلك خاصة وأنها غير أصلية وسريعة التلف، إلى جانب قارورات غاز البوتان باعتبارها هي الأخرى مصدرا مهما للغاز لاسيما في الأحياء التي لم تجهز بغاز المدينة، واستعمالها العشوائي من الممكن جدا أن يؤدي إلى تسربات في حالة عدم إلحاقها بطريقة جيدة مع الفرن، أو عدم التثبيت الجيد للأنبوب في فوهة القارورة، مما أدى في الكثير من المرات إلى انفجارات كارثية خلفت وفيات بالجملة.

سبب آخر أدى إلى التزايد الكبير لحالات الاختناقات بالغاز المؤدية للوفاة، وهو انعدام الرقابة الدورية والمستمرة على مستوى البيوت من طرف رصاصين مختصين لرقابة تلك الأنابيب وإبعاد الشكوك وتفادي التسربات المحتملة في أي وقت.

ووجب ألا يقتصر ذلك الحس على مستوى البيت فقط، بل على مستوى كامل الحي ليشمل العمارة والمحل والمدرسة كون الغاز لا يرحم وتتعدى كوارثه من الاختناقات إلى الانفجارات ليؤدي في الأخير إلى الفتك بحياة الشخص، فحوادث الغاز يتحمل مسؤوليتها الجميع والحيطة والحذر ضروريان لتفادي مخاطره.

 

نقص التهوية سبب 90 % من حالات الاختناق بالغاز

أكدت شركة توزيع الكهرباء والغاز للجزائر العاصمة، أن نقص التهوية وتعذر تصريف الهواء الملوث مسؤولان بنسبة 90 % عن أخطار الاختناق بالمنازل على مستوى الجزائر العاصمة.

وأوضح بيان للشركة أن “الاختلالات المتكررة المسجلة في تشخيص عينات التجهيزات الداخلية للغاز الخاصة بزبائننا على مستوى الجزائر العاصمة والمؤدية إلى خطورة كبيرة بالاختناق تتمثل بنسبة 90 % في نقص التهوية، وتعذر التخلص من الهواء الملوث”.

كما أشار ذات البيان إلى أن “عديد الحوادث الخطيرة بالاختناق بأحادي أكسيد الكربون تسجل سنويا”، إضافة إلى تسجيل مصادر أخرى عديدة للاختناق على غرار “مشكل تصريف الغاز المحترق” عندما تكون مدفأة الغاز أو مسخن ماء الحمام غير موصول بمنافذ تصريف الهواء.

وأضاف المصدر أن هناك أيضا التجهيزات غير المطابقة عندما يكون سخان ماء الحمام يقع داخل الحمام نفسه أو دورة المياه.

في هذا الصدد، توصي شركة توزيع الكهرباء والغاز للجزائر العاصمة بعدم غلق منافذ التهوية من أجل السماح بالتصريف الدائم للغازات المحترقة والتأكد من أن أجهزة التسخين مركبة بالطريقة الصحيحة.

كما تنصح الشركة بتفادي تركيب سخانات ماء الحمام والمطبخ داخل الحمام، مؤكدة أن “أحادي أكسيد الكربون يعتبر غازا غير قابل للكشف بحواسنا لأنه بدون رائحة ولا لون”.