الفنان التشكيلي كمال يحياوي يغادر في صمت

الفنان التشكيلي كمال يحياوي يغادر في صمت

في صمت الذي كان عنوان حياته اليومية، انتقل الفنان التشكيلي كمال يحياوي إلى رحمة الله بباريس (فرنسا) عن عمر يناهز 57 سنة إثر مرض عضال.

ويعتبر كمال يحياوي المولود سنة 1966 بالقصبة (الجزائر العاصمة) والمتخرج من مدرستي الفنون الجميلة بالجزائر (1985-1989) ونانت (فرنسا 1990-1991) “رساما وشاعرا للوضع الإنساني” من خلال عدة معارض جماعية وفردية قدمت في الجزائر وفي الخارج.

وكان كمال يحياوي يرفض وصف أعماله بالحزينة أو الكئيبة، بل يصر على أنها تعكس واقعاً حقيقياً يعيشه البشر، من فقر وحروب وظلم ولامساواة، خصوصاً أن الغربة والترحال والاستعمار مفردات لعبت دوراً بارزاً في مواضيع أعماله وألوانها، مؤكداً أنها مرارات يتجرعها الانسان.

وعلى الرغم من ذلك، كان يشعر بالسعادة حين يجد قواسم مشتركة بينه وبين متذوقي الفن.

وحاول يحياوي نقل الصورة الواقعية التي عاشها واختبرها، لذلك لم يتمكن أو لم يشأ رسم المناظر الطبيعية والزهور، في الوقت الذي يعيش فيه البشر تحت وطأة الفقر، خصوصاً أهله ومحيطه، وقال في آخر حواراته: «لم أكن أرغب في تزيين الواقع وتزييفه كما كان يفعل زملائي في مدرسة الفنون، بل كنت ضد التيار»، مؤكداً أن الفنان يحمل رسالة سامية هي «مساعدة الذين يعانون، وليس الادعاء بأن الحياة تسير على أفضل ما يرام؛ لأنه يصبح متصنعاً»، معبراً عن كرهه للأغنياء الذين يهنأون برغد العيش، متجاهلين الفقراء – الأقل شأناً وقيمة منهم – في نظرهم.

وأكد ضرورة إلغاء فكرة التمييز والعنصرية والفصل بين الشمال الغني والجنوب الفقير، وعلى الرغم من انزعاجه من هذه الطبقة التي يصفها بالمتصنعة، يعترف بأنه لا يُكن أي ضغينة لأحد، وأن لديه أصدقاء فرنسيين بورجوازيين، معتبراً الفن وسيلة فعالة وإيجابية في سبيل ترسيخ هذه المبادئ.

لم يختبر يحياوي فترة استعمار بلده، لكن أجداده قاموا بإيصال معاناته، وقال: «تفيض ذاكرة أهلي بحكايات كثيرة عن الظلم والقتل والعنف الفرنسي تجاه أهل الجزائر»، معتبراً العمران واللغة الفرنسية غنائم حرب استحقوها في نهاية قضيتهم الرابحة.

ومن مساوئ الغربة والاستعمار، ابتكر يحياوي عمل «الأجداد يضاعفون الجهود»، وهي عبارة عن حقيبة قديمة جداً تحتوي رسماً يمثل أجداده وأسلافه الذين عانوا وتألموا من جراء الاستعمار الفرنسي ومجموعة من الكتب الصادرة في تلك الحقبة، موضحاً «رسمت أجدادي في قبورهم بالألوان الترابية وهم يتألمون، لأن المعاناة كانت أكبر من أن توصف»، وعاش التشكيلي الجزائري كمال يحياوي في منطقة «القصبة» بالعاصمة الجزائرية، أحب الرسم والشعر والغناء منذ صغره.

وعندما بلغ السابعة عشر من عمره التحق بمدرسة الفنون الجميلة، ليحقق هدفاً طالما راوده وهو تجنيد فنه لخدمة «القصبة» وإظهار معاناتها وحرمان أبنائها، رافضاً الادعاء والتصنع برسم الزهور والغابات والناس المبتسمين.

ومن بين أعماله “دماء الظلال” الذي قدمه عام 2007 مع صلاح حيون وأرزقي العربي و”ستار الاستجواب” ضمن سلسلة “ترحيل، الكرامة” الذي يعتبر بمثابة إدانة صريحة ومباشرة للممارسات الفظيعة للترحيل.

ب\ص