مُختصون يُحذرون من العواقب

“الفشوش”.. الإفساد غير المقصود للأبناء

“الفشوش”.. الإفساد غير المقصود للأبناء

يُحذر المختصون الأولياء من تدليل أبنائهم دلالا مفرطا، حيث يعتبر بعض الأولياء “الفشوش” الطريقة المثالية للتعبير عن الحب الذي يُكنّونه لأبنائهم، فمنهم من يفرط في الحماية والدلال، وتنفيذ الطلبات بدون قيد أو شرط، متجاهلين العواقب الوخيمة لهذا السلوك الذي قد يصنع من هذا الطفل رجلا غير مسؤول مستقبلا.

يعتبر الكثير من الآباء الشقاوة عند الأطفال حالة طبيعية ناتجة عن تدليل الطفل بشكل كبير، ويُرجعها البعض لأسباب بيئية أو عوامل بيولوجية وتحتاج إلى عناية خاصة، وعلاج عند المختصين، هذه الظواهر جعلت الكثير من العائلات التي تعاني من المشكل في حيرة من أمرها، خاصة في التفريق بين السلوكات الطبيعية وغير الطبيعية.

 

تجارب لأولياء أفسدوا أبناءهم بـ “الفشوش”

“سميرة” أم لطفل وحيد، لم تكن تدرك أن دلالها المفرط لابنها وتلبية طلباته على الدوام بدون أن يبذل أي جهد أو أن يشعر حتى بالعناء، سيكون سببا في فشل تربيتها له، تقول “اعتدت منذ أن كان صغيرا أن أخدمه بنفسي وأحضر له كل ما يريد”، إلا أنها لم تكن تدرك أن هذا الدلال أفسده وجعله شخصا اتكاليا لا يقوى حتى على خدمة نفسه، وتضيف أنها لم تأخذ بعين الاعتبار أبدا، أن اهتمامها السلبي وعدم تعليمها لابنها الاعتماد على نفسه قد يكونان السبب في جعله إنسانا يعجز حتى عن مساعدة نفسه بأبسط الأمور ما أثّر على دراسته.

نفس المسؤولية يشعر بها “نور الدين” صاحب 43 ربيعا، يقول “عودت ابني منذ صغره أن ألبّي له كافة طلباته أنا ووالدته، لم نتركه يحتاج أبسط الأمور والآن أصبح لا يشعر بالمسؤولية في شيء”، حيث أصبح لا يملك أدنى استعداد للقيام بأي عمل مهما كان بسيطا، أين يبقى جالسا طوال اليوم أمام التلفاز ويعجز حتى عن إحضار كوب ماء لنفسه، وهنا حمّل نور الدين نفسه وزوجته مسؤولية هذا، وعندما حاولا إصلاح ما أفسداه لم يتمكنا من ذلك، حيث تؤدي أي محاولة لإجبار ابنهما على عمل شيء، إلى رد عنيف من قبله يصل لدرجة تكسير ما يجده أمامه دون خوف، وقد وصل الأمر عند بعض العائلات إلى نتائج خطيرة، وهو ما روته لنا إحدى المحاميات التي ذكرت أنها استلمت قضية أحد المراهقين الذي أقدم على جرح والدته على مستوى الساق، وتبين من حيثيات القضية أن المتهم كان مدلل والديه، ليتحول إلى مسيطر على المنزل يريد أن تكون كل مطالبه أوامر، وبعد أن رفضت والدته ذلك، أقدم على طعنها.

 

يزرعه الآباء ويجني عواقبه الأبناء

يرى علماء النفس أن تساهل الوالدين مع طفلهما واستسلامهما لضغوطه وعدم تمييزهما لاحتياجاته الضرورية ورغباته يفسده ويغرس فيه حب الذات، وينمّي لديه حب الامتلاك والأنانية، فلا يعود يعلم شيئًا غير تلبية رغباته وإلا الصراخ. وبالطبع لا يقتصر الأمر على هذا فقط، فالتدليل يسلب من الطفل الإحساس بالمسؤولية وحبه للمشاركة، بل يفقده كيفية الاعتماد على نفسه، حيث أن دلاله يدفعه للاتكال على غيره، حسب ما صرح به بن عربي الطيب مختص في علم النفس لـ “الموعد اليومي”، أين ذكر أن هذه المشكلة تنمو مع نمو الطفل، وتزداد سوءًا مع مراحل عمره المختلفة، ففي المدرسة مثلاً لا يستطيع أن يتخذ قرارًا دون الرجوع لوالديه، ويرفض أن يشترك معه زملاؤه في اللعب، يرفض أن يكون خاسرًا، ويرفض أن توبخه معلمته، مما يجعل منه طفلاً غير محبوب ليس بين أقرانه فقط، بل ومعلميه أيضًا.

وفي المراهقة تكون فرصة الانحلال الأخلاقي والسلوكي أكبر، خاصة لو كانت طلباته المادية مجابة، فقد يتجه للمخدرات مع رفاق السوء.

ل. ب