تشير آخر التقارير، إلى أن الفساد ينتشر في المؤسسات المغربية وأكثر في مجال الصفقات والتوظيف في الشركات المغربية، وصنف المغرب في فئة “المسؤولين الذين ينتهكون القانون ويعرضون أنفسهم للفساد ولا تتم متابعتهم بشكل كاف”.
كشفت الهيئة المغربية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن الواقع القاتم لاستفحال ظاهرة الفساد بالمملكة، مشككة في جدية الحكومة في محاسبة المتورطين للقضاء على هذه الظاهرة التي أضحت تشكل تهديدا حقيقيا للمجتمع. وأوضحت الهيئة المغربية في دراسة حديثة، أن المؤشرات الدولية للفساد تؤكد أن “الفاسدين لا يتابعون بشكل كاف” في المغرب، وأن الحكومة “غير راغبة وغير قادرة على احتواء الفساد”، مبرزة أن الفساد “ينتشر أكثر في مجال الصفقات والتوظيف” في الشركات المغربية، وصنفت المغرب في فئة “المسؤولين الذين ينتهكون القانون ويعرضون أنفسهم للفساد ولا تتم متابعتهم بشكل كاف”. وكشفت الدراسة -التي طالت 1100 مقاولة- أن الحصول على التراخيص والرخص الاستثنائية، هي أول بؤرة يأتي منها الفساد بنسبة 57 بالمائة، ثم تأتي الصفقات والمشتريات العمومية في المركز الثاني بنسبة 51 بالمائة، يليها التوظيف أو التعيين والترقية في القطاع الخاص بنسبة 50 بالمائة. حسب نتائج التقرير، فإن 68 بالمائة من الشركات التي شملتها الدراسة، ترى أن الفساد “منتشر أو منتشر جدا” بالمغرب، فيما لا يتجاوز عدد الشركات التي لا ترى انتشارا للفساد، نسبة 8 بالمائة. كما أظهرت أيضا، أن 23 بالمائة من الشركات قالت إنها تعرضت لشكل من أشكال الفساد خلال الأشهر الـ12 الماضية، وأن 3 بالمائة فقط بلغت عنه. وقالت ذات الهيئة، إن “غياب فعالية تقديم الشكايات والاستهانة بالفساد والخوف من عواقبه السلبية على الشركة من بين الأسباب الثلاثة وراء ضعف شكايات وتبليغات الشركات التي شملها الاستطلاع”. وأقرت نسبة 75 بالمائة من هذه الشركات، بأنها لم تبلغ عن الفساد الذي تعرضت له، بينما أكدت 75 بالمائة منها أنها لن ترفع شكاية بخصوص ما تعرضت له. وحذرت الهيئة المغربية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مجددا من تأثير الفساد على ثقة المستثمرين ومناخ الأعمال وانعكاساته السلبية على الاقتصاد، حيث كانت قد نبهت في جانفي الماضي من “رشوة نسقية ومعممة” تهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد، معلنة تراجع المملكة إلى المرتبة الـ97 في تصنيفها السنوي لمؤشر الفساد في العالم العام الماضي. وجددت الهيئة، المطالبة بتبني قانون لتجريم الإثراء غير المشروع كانت قد طرحته الحكومة السابقة عام 2015، قبل أن تسحبه حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش من البرلمان بعد تشكيلها عام 2021، ما أثار انتقادات حادة. ومن هذا المنظور، يرى أستاذ العلوم الدستورية، رشيد لرزق، أن تعثر مسار المحاسبة سببه “وجود نخبة سياسية جعلت من الفساد قوتا انتخابيا، ما جعلها مترددة في تنزيل معادلة ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مشيرا إلى وجود “العديد من الملفات التي يشوبها فساد مالي وإداري لأكثر من 10 سنوات، هي كلها جرائم قائمة والمطلوب من سلطات الأمن تحريك الدعوى العمومية لوجود القرائن والأدلة في انتظار أن تقوم العدالة بعملها.
أ.ر