تشير تقارير وطنية ودولية، إلى أن المغرب يشهد تقهقرا في مؤشر إدراك الفساد من خلال استفحال الظاهرة والضعف في محاربتها، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المخزنية امتصاص الغليان الشعبي عبر تبريرات وهمية ووعود كاذبة.
وارتباطا بالتشريعات ذات الصلة بمحاربة الفساد، وجهت فاطمة التامني، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا لوزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بخصوص مآل مشروع القانون المتعلق بحماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد بالإدارات العمومية. وتوقف السؤال على تصريح الوزارة في تقرير الحصيلة السنوية لسنة 2021، بأنه تم إعداد صيغة لمشروع قانون رقم 61.20 بشأن حماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد بالإدارات العمومية وإحالتها على الأمانة العامة للحكومة في ماي من نفس السنة، لكن مصير هذا المشروع لا يزال مجهولا لليوم. وأشارت التامني، إلى أن الوزارة أكدت حينها أن هذا المشروع يأتي في إطار المساهمة في الجهود المبذولة لملاءمة التشريعات الوطنية مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، داعية إلى الكشف عن مآل هذا المشروع، حيث لم يتبين لحد الآن الخطوات المتخذة من أجل تحقيقه على أرض الواقع. وسبق للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن دعت إلى مراجعة المقتضيات التشريعية لحماية المبلغين عن الفساد وعدم الزج بهم في السجون وتطبيق بحقهم قوانين جائرة مخالفة لكل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان. ورصدت الهيئة في تقاريرها الضعف الكبير في تبليغ الموظفين عن الفساد بالإدارات العمومية، مبرزة وجود عدة معيقات تحول دون ذلك، من بينها الخوف من الضغوطات ومختلف أشكال الانتقام وضعف التأطير التشريعي للتبليغ وعدم توفير حماية متكاملة للمبلغين. وتوصي الهيئة الوطنية بعدم متابعة الموظفين سواء تأديبيا أو جنائيا على أساس إفشاء السر المهني إذا بلغوا عن أفعال الفساد التي تصل إلى علمهم أثناء مزاولتهم لمهامهم. وفي سياق متصل، وبعد الكشف عن تورط مستشارين بجماعة تطوان في قضايا فساد، دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، وزارة الداخلية إلى إرسال لجنة من المفتشية العامة للوزارة قصد إجراء فحص شامل ودقيق لمالية وبرامج هذه الجماعة. وفي ظل استمرار الأزمات وتنصل الحكومة من التزاماتها، قال الغلوسي، أنه لا يمكن أن تنفجر فضيحة تورط نائب لعمدة تطوان في قضية “المال مقابل الوظيفة” وتوقيف نائب ثان في فضيحة اختلاس أموال من البنك الذي يشتغل فيه، دون وجود مناخ يسمح بهكذا ممارسات منافية للقواعد القانونية والأخلاقية. وتوقف الغلوسي على كون فضائح جماعة تطوان لا تنتهي وبعض مسؤوليها جمعوا ثروات مشبوهة، موضحا أنه وبعد إدانة نائب عمدة تطوان بعشرة أشهر حبسا نافذا على خلفية ما عرف بالمال مقابل الوظيفة وأشياء اخرى، تفجرت فضيحة جديدة تتعلق باتهام نائب آخر للعمدة باختلاس ملايير من ودائع الزبائن باعتباره مدير بنك الاتحاد المغربي للبنوك بذات المنطقة،هو ومستخدم آخر، حيث تم اعتقاله ووضعه رهن الحجز تحت النظر. ونبه رئيس جمعية حماية المال العام إلى أن الفساد شاع وتغول وأن البعض استغل “سيادة” الإفلات من العقاب وشيوع الرشوة وغيرها وأصبح البحث عن الثراء بأية طريقة أسلوبا معتادا لدى جزء مهم من النخب السياسية والإدارية. وأمام التمادي في استغلال وتفقير الشعب المغربي وتعميم الفساد والإجهاز على حقوق الإنسان والحريات العامة، دعا ذات المتحدث، إلى القضاء على الفساد ليطال كل أجهزة وقطاعات الدولة وليس الجهات والمجالس المنتخبة فقط. وحملت الجمعية، الحكومة، مسؤولية الاستمرار في نهج سياسة حماية الفساد سواء من خلال سحب مشروع القانون الجنائي وقانون الإثراء غير المشروع، داعية إلى تسريع محاكمة المسؤولين المتهمين في قضايا الفساد المالي وخيانة الأمانة وهدر وتبديد المال العام. يشار إلى أن المملكة متمعنة في مواصلة سياسة الأذان الصماء حيال المطالب الحقوقية والسياسية والنقابية المتعلقة بمحاربة الفساد، حيث قوبلت دعوة ربط المسؤولية بالمحاسبة والضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب، بلا مبالاة الحكومة والتنصل من التزاماتها.
أ.ر