أصبح للفايسبوك وباقي الوسائل الإلكترونية وتطبيقاتها الحديثة دور رئيسي وفاعل في صناعة وتشكيل الرأي العام، وحتى إدارة النزاعات، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على المستوى العالمي أيضاً، وساعد على ذلك التطور المتسارع الذي يشهده العالم اليوم في مجال تكنولوجيا الإتصال والمعلومات، إذ تشير آخر الدراسات إلى أن متوسط الوقت الذي يمضيه الفرد في هذه المواقع يزيد عن 116 دقيقة في اليوم.
ولا يمكن لأحد أن ينكر القوة الكبيرة التي كسبها الفايسبوك في مجتمعنا، باعتباره أداة لتعبير الجمهور العام عن رأيه ومشاعره وأفكاره ومعتقداته واتجاهاته في وقت معين بالنسبة لقضية معينة تهمه أو مشكلة تؤرقه، وهو الحكم الذي تصدره الجماهير على عمل أو حادثة أو نشاط في المجال الداخلي أو الخارجي المحلي أو العالمي.
منبر متساوٍ للإتجاهات المختلفة
لقد بات لشبكات التواصل الاجتماعي دور بالغ الأهمية في التعبير عن الاتجاهات والأفكار كافة داخل المجتمع في ظل حوار يقوم على الندية بين الفرد والنخبة والجماهير، في وقت لم تعد فيه النخبة تمارس دورها المعتاد في صياغة الرأي العام وتشكيله وتعبئته بعد التطور الهائل في عملية تدفق المعلومات وإنتاجها، وتحول الشبكات الاجتماعية من مجرد وسيلة للتواصل بين الأفراد والجماعات أو حتى لنقل الخبر أو التعليق عليه إلى وسيلة لها دور في معالجة ومتابعة وإثارة ردود الأفعال حول القضايا المختلفة مع القدرة الهائلة على الانتشار، وفي بعض الأحيان يتم نقل الأخبار عن مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك، تويتر) إلى الصحف الورقية والبرامج الفضائية ووسائل الاعلام الرسمية، الأمر الذي يزيد من حجم تأثير هذه المواقع وانتشارها.
بث مباشر مكفول للجميع
ومما زاد من خطورة المسألة أنه أصبح بإمكان أي شخص حتى الذين ليس لديهم الدراية والكفاءة والمؤهلات عكس وجهة نظرهم وتحيزاتهم، من خلال نقل الصور ومقاطع الفيديو والمنشورات واستخدامها عبر الشبكات الاجتماعية نظراً لما وفرته التقنيات الحديثة وثورة المعلومات من سهولة البث وقلة التكلفة وإتاحتها بين يدي الجميع، الأمر الذي ساهم في ظهور فاعلين كثيرين هواة وغير مؤهلين لنقل وتبادل وانتاج المعلومات ونشرها بين قطاع عريض من الجمهور، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمثابة الصحيفة اليومية الأكثر أهمية على مدار الساعة لمعظم مستخدمي هذه المواقع.
نقل الأحداث بالسرعة والآنية
يعمل أصحاب الصفحات الجزائرية المشهورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نقل جميع الأخبار المتنوعة بسرعة كبيرة، حيث يراعون الآنية و الحداثة في طرحهم للحدث أو الخبر مع تقديم جميع المعلومات عنه، إضافة إلى شملهم لمختلف ولايات الوطن من خلال مشاركة مراسليهم في المناطق البعيدة، فبات كل من يتصفح هذه الصفحات الفايسبوكية يعرف ما يجري في البلد حتى وإن لم يكن متابعا للأخبار في الجرائد أو التلفزيون، و لعل أكبر حيز للأخبار يشغل هذه الصفحات هي الأخبار الوطنية والسياسية، حيث يقدمها أصحاب هذه الصفحات في قالب سخري وهزلي يحمل كل المعلومات اللازمة، إضافة إلى الصور والفيديوهات خلافا عن الطريقة التي تقدم بها الأخبار في الجرائد والفضائيات.
صفحات مشهورة أخذت شعبية كبيرة
الصفحات التي تقدم الأخبار ليست صفحات إخبارية محضة، بل هي مساحة كبيرة ومتنوعة من المنشورات المختلفة، حيث تعتبر خليطا لجميع الأخبار والأحداث، وينشر فيها كل شيء من أخبار وطنية محلية، ثقافية، رياضية، اجتماعية وغيرها، كما ينشر أصحابها أيضا فيديوهات وأغانٍ، إلى جانب صور تحمل معلومات حول أماكن معينة أو أحداث تاريخية على شكل مسابقات يقوم بها أصحاب هذه الصفحات بين روادها، إضافة إلى نشر النكت، القصائد وحتى القصص كاملة أو عن طريق أجزاء يشترط فيها عدد معين من الإعجابات توضع من طرف رواد هذه الصفحات لإكمال أجزاء القصص التي تكون واقعية حدثت مع شباب جزائري.
المختصون في علم الاجتماع: حرية التعبير ساعدت على نقل كل الأخبار دون انتقاء
أكد عدد من المختصين في علم الاجتماع أن مساحة حرية التعبير التي وجدها أصحاب الصفحات الفايسبوكية ساعدتهم على نقل الخبر بكل مصداقية دون تغيير أو تنميق فيه، خاصة قدرتهم على وضع الصور والفيديوهات بكل سهولة، الأمر الذي سهل هذه المهمة على أصحاب الصفحات، إضافة إلى إعطائهم المجال لرواد صفحاتهم من أجل التعبير عن آرائهم في كل ما يحدث، فكانت هذه المساحة الفايسبوكية متنفسا للجميع ممن فضلوا أن يكون العالم الافتراضي هو من يجمعهم ويحمل آراءهم المختلفة، كما أضافوا أن الفرد يعبر عن آرائه بكل حرية عبر الكتابة أكثر من الحديث، لذا فضل الكثيرون الفايسبوك، كما قال المختصون أيضا إن أصحاب الصفحات عرفوا كيف يجذبون المواطنين إلى تصفح صفحاتهم عن طريق أساليبهم الهزلية والمضحكة والطريقة التي ينشرون بها الخبر، إضافة إلى تفاعلهم مع الفايسبوكيين.
ق. م