الغش.. الداء الخطير

الغش.. الداء الخطير

الغش داء خطير، وشر مستطير، إنه مُدمّرُ الشعوب والأمم، والمجتمعات والدول، إذا انتشر في أمة أعاقها عن التقدم والتحضر والعيش في رخاء وازدهار، وحل بها الدمار والهلاك والخسران. للغشّ أنواع عديدة، وصور كثيرة، تعود بالضرر على الأفراد والأسر والمجتمعات والأمم، منها:

1- الغش في البيع والشراء، وغيره من المعاملات المالية: كأن يحصل الشخص على المال بطرق محرمة، إما عن طريق الكذب، أو كتمان عيب في السلعة، أو البخس في ثمنها، أو التطفيف في وزنها، أو خلط الجيد بالرديء، وغيرها من الطرق المحرمة والوسائل المغشوشة. فمن التجَّار من تجده يحلف الأيمان المغلَّظة في تجارته، وهو يعلم أنه كاذب! ومنهم من يَغشُّ في سلعته بخلطها بما يُفسد فائدتها! ومنهم من يغشُّ في تواريخ الإنتاج وتواريخ الصلاحية! ومنهم من يضع السلع الفاسدة بقاع الصندوق ثم يضع من فوقها السِّلع الصالحة المميزة في شكلِها وجمالها! ومنهم من يصنع العسل من السكر ويحلف على أنه عسل نحل! وغير ذلك كثير من أشكال الغش وألوانه. وقد توعّد الله تعالى من يغش الناس في بيعه وشرائه بأشد الوعيد، فقال سبحانه: ” وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ” المطففين: 1 – 6.

2- الغش في العمل: فمن العُمّال والموظفين من يغشُّ في عمله ووظيفته، لا يتَّقي الله في وظيفته، يراوغ، ويخادع، ويُهمل، ويضيع، ويماطل، ويقصر، ولا يتقن العمل، ولا ينجزه في وقته، يخون الأمانة، ويضيع حقوق العباد، يختزل ساعات العمل، بل قد يطلب من زملائه التوقيع له بالحضور وهو غائب… فيحصلُ على مقابل أو راتب يَشوبُه الكثير من الحرام، يظن أنَّها شطارة وذكاء، وما هو إلا خسران وهلاك.

3- الغشّ في النّصيحة: فمِن الغشّ ترْكُ الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر، وعدمُ توجيه المسلم وإرشادِه إلى ما ينفعه، فمن استطاع أن ينصحَ أخاه عند حاجته إلى النصيحة فلم ينصحْه فقد غشه، وأخلّ بحق من حقوقه. فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قال: “بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم” متفق عليه. وفي صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الدين النصيحة” قلنا لمن؟ قال: “لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم”.

4- الغشّ للرّعيّة: ويعمّ هذا كل من له مسؤولية على غيره، وتقلد أمرا من أمور المسلمين؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” متفق عليه.

5- الكذب على الناس، وتزوير الحقائق: فمن الناس من يغش عند إدلائه بالشهادة، فيشهد شهادة زور وبهتان وكذب، ويَحلف على ذلك ولا يُبَالي، مقابلَ أموال من الحرام يأخذها، أو منفعة من صاحب الشهادة ينالها، أو انتقام من المشهود عليه يريده. ففي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟” ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “الإشراك بالله، وعقوق الوالدين” وجلس وكان متكئا فقال: “ألا وقول الزور”، قال: فما زال يكرّرها حتى قلنا: ليته سكت.

 

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي