العمل صفق له الراحل أحمد بن بلة وأثنى عليه جان بول سارتر… ماجدة الصباحي تعرضت لمحاولة اغتيال بسبب “جميلة بوحيرد”

العمل صفق له الراحل أحمد بن بلة وأثنى عليه جان بول سارتر… ماجدة الصباحي تعرضت لمحاولة اغتيال بسبب “جميلة بوحيرد”

كانت تعشق الجزائر، تفتخر بنسائها اللواتي قدمن أروع البطولات أثناء الثورة التحريرية الخالدة… إنها الفنانة المصرية الكبيرة ماجدة الصباحي التي رحلت عن عالمنا والتي لخصت مشوارها الفني من خلال كتابها بعنوان “مذكرات ماجدة الصباحي” للسيد الحراني، التي ذكرت فيه إنها تعرضت لمحاولة اغتيال في بيروت بسبب فيلم “جميلة بوحيرد” من قبل بعض المتعصبين الفرنسيين.

وتقول ماجدة عن الفيلم: كنت أريد المشهد الأخير في نهاية الفيلم يضم مجاميع مختلفة للثورة والثوار في العالم كله يتكلمون عن أزمة جميلة التي هي أزمة الجزائر، وكل الأراضي العربية المحتلة، وكل ضحايا الاحتلال في كل بقاع العالم.

وأوضحت ماجدة في مذكراتها، أن الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة والإرشاد الأسبق حينها، طالب أن يكون مشهد النهاية يضم مجاميع تظهر فيها إفريقيا فقط، ونفذ  المخرج يوسف شاهين ما أراده عكاشة، مضيفة أنها كانت غير راضية عن هذا المشهد.

وتابعت ماجدة الصباحي، انتهى تصوير الفيلم وحضره فتحي الديب واللجنة العليا للجزائر أحمد بن بلة، الذي أصبح بعد ذلك أول رئيس للجزائر في عام 1962 لمشاهدة الفيلم في الأستوديو، ووقفوا في نهايته، وأدى بن بلة ومن معه التحية العسكرية الجزائرية، لافتة إلى أنهم صفقوا بشدة وشكروها على تلك الهدية التي وثقت بها جرم الاحتلال الفرنسي.

وأضافت ماجدة الصباحي، أن الفيلم عرض في سينما راديو في عامي 1960 و1961، وهو العام الذى تقرر فيه إعدام جميلة، وقامت مظاهرات داخل السينما وعلت الهتافات لتحرير الجزائر.

وقالت ماجدة الصباحي إنها فوجئت بتحرك الدبلوماسية الفرنسية للتواصل معها بعد فيلم “جميلة بوحيرد”، الذي تم إنتاجه عام 1958، ورغم أن الفيلم كان ضدهم بشكل كبير، وفضح جرائمهم ضد الشعب الجزائري، أثناء فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، إلا أن دولة فرنسا قررت أن تتعامل بشكل مختلف معها ومع الفيلم.

وتابعت ماجدة استغرابها:”كنت أتوقع أن يقع الفرنسيون في ارتباك بعد هذا الفيلم، وهذا ما حدث بالفعل، لكنهم عالجوا هذا الارتباك سريعا بشكل تقدمي، ربما لتبييض ماء الوجه، وأرسلوا مذيعا من التليفزيون الفرنسي الرسمي لإجراء حوار معي لمدة ساعة كاملة على الهواء.

واستطردت موضحة: “احتارت فرنسا في التعامل مع الفيلم الذي كان ضدهم بشكل كبير، لكنهم استقروا في النهاية على اعتباره تاريخًا لا يمكنهم إنكاره، وكان الفيلم بمثابة الصفعة الموجهة لساسة هذه المرحلة الاستعمارية في الجزائر، ورغم ذلك لم يتجاهلوا التأثير الذي أحدثه لدرجة أنهم نظموا مهرجانا مخصوصا لعرض 14 فيلما من أفلامي في فرنسا، وصدمت من رد فعل الجمهور الفرنسي على الفيلم، وعلى إعجابهم بأدائي دور جميلة بوحيرد”.

ويمثل الجانب الوطني في مسيرة ماجدة نقطة ضوء كبيرة وضعتها في بؤرة الاهتمام العالمي، خاصة بعدما أقدمت على إنتاج فيلم “جميلة بوحيرد” الذي واجهت بسببه شبح الإفلاس، ولم تخش وقتها لعنة شباك التذاكر والإيرادات، وقررت بقلب جسور التصدي لهذه المغامرة حتى أن المقربين منها أكدوا أنها لجأت للاقتراض من البنوك لاستكمال تصوير الفيلم، بل ورفضت الاستعانة بباروكة خلال تجسيد شخصية “جميلة” وقامت بقص شعرها.

لم تكتف ماجدة بتصوير الفيلم بل ذهبت لعرضه في العديد من دول العالم، خاصة أن “جميلة” وقتها كانت تنتظر تنفيذ حكم الإعدام، وأصبح الفيلم أيقونة رائعة بل وأصبح صوته أعلى من أصوات المحامين المدافعين عن جميلة، وجعل العالم كله يتعاطف مع هذه المناضلة ويتعرف عن قرب على القضية الجزائرية.

وتسبب الفيلم في حالة من ضغط الرأي العام العالمي أدى إلى تراجع فرنسا عن إعدام جميلة، حتى أن الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر قال عن هذا العمل: “بسبب هذا الفيلم جسد أمامي حجم الجرم الذي ارتكبناه في حق الإنسانية، إن هذه الممثلة الصغيرة الكبيرة أسقطت مني الدموع وأنستني جنسيتي”.

ص/ب