لا شك أن العَمل الخيري ينبعُ من صميم الدين، باعتباره يسعى لتحقيقِ حاجات الناس بجلبِ المصالح ودرء المفاسد بما يحفظ الضرورات الخمس التّي اتفقت عليها جميع الشرائع السَّماوية وهي: حفظ الدِّين، وحفظ النَّفس، وحِفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال. والعملُ الخيري في الإسلام يولي اهتماما بالفردِ والأسرة والمجتمعِ، من خلال العمل على حل المشكلات المتزامنة مع الحروب والأزمات والملمَّات والكوارث الطّبيعة، وهذا ينتجُ عَنه مجتمع متكامل متحمل للمسؤولية مؤد للأمانة ومشارك في تنمية مجتمعه، محقق للتوازن في المصالح والعلاقات، مع التشبث بأسسِ وركائز مقاصد الشريعة الإسلامية. فالعمل الخيري أساسَ تحضر المجتمعاتِ ورقيها ومُشاركة فعلية واقعية في تنمية المجتمع وبه يتحققُ الإصلاح الأسري المجتمعي المرتقب وتحقيق المناطِ من الغاية الوجودية للإنسان. ولهذا فإن العمل الخيري يخضع لمجموعة من الأهداف والغايات الشرعية حتى يؤتي أكله وثماره المرجوة، وتنبثق هذه الغايات الشرعية من الشريعة الإسلامية الغراء ومن هذه الأهداف الرحبة ما يلي:
1- ابتغاء مرضاة الله والأجر والثواب للفوز بالجنة لقوله تعالى: ” لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ” سورة النساء، الآية: 114، إن العمل الخيري يقصد به وجه الله وابتغاء مرضاته، لا أن يكون الهدف منه غايات اجتماعية أو سياسية، أو غيرها من المرامي الدنيوية، وبذلك فمن يخلص النية ويبتغي مرضاة الله سبيلا يكون جزاؤه النعيم المضاعف.
2- تفعيل مبدأ التعاون على البر والتقوى وإشاعة الخير بين أطياف المجتمع، فلقد أمرت الشريعة الإسلامية بالتعاضد والتكافل والتعاون على البر والتقوى يقول المولى عز وجل “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” سورة المائدة، الآية: 2، وأكد الهدي النبوي المبدأ نفسه فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى” رواه البخاري .
3- الاستفادة من الطاقات الشابة، والقدرات البشرية، فالعمل الخيريّ تشكيلة من الطاقات والمهارات التي تتفاوت في قدراتها واتجاهاتها وآرائها وتسخيرها والاستفادة منها لخدمة المجتمع.
4- خلق شباب ومجتمع يتربى على العطاء وإنكار الذات، تتحقق فيه معاني التكافل والتعاون ومبدأ الجسد الواحد، دون انتظار المقابل المادي.
5- المحافظة على كرامة الفقراء والمحتاجين، إذ تُقدم للمحتاج وخصوصا المتعففين منهم المساعدة قبل الحاجة لسؤال الناس لقوله تعالى ” لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” سورة البقرة، الآية: 273 والهدف الرئيسي من العمل الخيري في الإسلام “سد حاجيات المحتاجين، ورعاية المرضى، ونصرة المستضعفين، ومساعدة من يحتاج إلى تطوير قدراته الاقتصادية أو الاجتماعية.
من موقع الالوكة الإسلامي