الماء خلقٌ من خلق الله تعالى، فيه إعجاز وبركة وشفاء، وضعَ الله تعالى فيه من الأسرار الكثيرة ما يُثير العجب، ولعل من أهم تلك الأسرار أنَّ الله تعالى جعله الأساس في خلق كل المخلوقات الحية؛ قال تعالى: ” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ” الأنبياء: 30، وقال تعالى: ” وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ” النور: 45. جاء في أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله قوله: “وقال بعض العلماء: هو الماء المعروف؛ لأن الحيوانات إما مخلوقة منه مباشرة؛ كبعض الحيوانات التي تتخلَّق من الماء، وإما غير مباشرة؛ لأن النُّطَف من الأغذية، والأغذية كُلُّها ناشئة عن الماء، وذلك في الحبوب والثمار ونحوها ظاهر، وكذلك هو في اللحوم والألبان والأسماك ونحوها؛ لأنه كله ناشئ بسبب الماء. والماء طاهر مبارك، ففي طهارته قال تعالى: ” وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ” الفرقان: 48. ” وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ” الأنفال: 11. وأما بركته فقد جاءت في قوله تعالى: ” وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ” ق: 9. وعموم الماء سواء كان مطرًا أو مياه أنهار أو مياه عيون هو ماء واحد، يتكوَّن من نفس المركبات، وله نفس الصفات والبركة بشكل عامٍّ، ما عدا أنه قد يحصل اختلاف يسير في نقاوته ونسب بعض العناصـر والأملاح فيه، باستثناء ماء زمزم فله خصوصية استثنائية معروفة، وأن مياه العيون تبقى لها خصوصية أيضًا؛ قال تعالى: ” وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ” يس: 34؛ لذلك عندما يصف الله تعالى الماء الذي يتلذَّذ به أهل الجنة، فيذكره إنه من العيون؛ قال تعالى: ” فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ” الرحمن: 66، وقال تعالى: ” عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ” المطففين: 28، وقال تعالى: ” عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ” الإنسان: 18.
من موقع رابطة العالم الإسلامي