العلم والإيمان.. ماء زمزم

العلم والإيمان.. ماء زمزم

لَمَّا ترك إبراهيمُ عليه السلام هاجرَ وابنَها إسماعيلَ عند البيت المُحَرَّم تَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فقالت: يا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بهذا الْوَادِي، الذي ليس فيه إِنْسٌ ولا شَيْءٌ؟ فقالت له ذلك مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فقالت له: آلله الذي أَمَرَكَ بهذا؟ قال: نعم، قالت: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حتى إذا كان عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فقال: ” رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ” إبراهيم:37. فإذا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِه أو قال: بِجَنَاحِهِ حتى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ أي: تجعله مثل الحوض وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ من الْمَاءِ في سِقَائِهَا وهو يَفُورُ بَعْدَ ما تَغْرِفُ. قال ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:  “يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ؛ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا” أي: ظاهراً جارياً على وجه الأرض، فبدأ تدفُّق ماء زمزم المبارك إكرامًا لآل إبراهيم عليهم السلام، واستمرَّ حتى وقتنا الحاضر، وإلى أن يشاء الله تعالى. تقع بئر زمزم شرقي الكعبة المشرفة، على بُعد “واحدٍ وعشرين” متراً من الكعبة، ويبلغ عمقها أكثر من “ثلاثين” متراً. وقد منحها الخلفاء والملوك والحكام عنايةً كبرى ورعايةً عُظمى، فقاموا بعمارتها، فقد أُتِيح ماء زمزم للشُّرب في كلِّ أنحاء الحرم المكي الشريف،  تبقى زمزمُ شاهداً على توكُّل هاجر على ربِّها وحسن ظنِّها به؛ إذ أذعنت لأمره وانقادت لمشيئته، قائلةً: “إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا”، فرجعت واثقةً من فضل الله تعالى، وعنايته بها وبرضيعها.

من موقع رابطة العالم الإسلامي