قال تعالى ” فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ” التكوير:15-16. ذهب الأستاذ الدكتور زغلول النجار في تفسير هاتين الآيتين إلى مذهب جديد لم يُسبق إليه، وهذا المذهب الذي ذهب إليه إنما كان بسبب ما ظهر عنده من العلم الجديد في دراسة النجوم. حيث قال زغلول النجار بعد حديثه عن تكوُّن الثقوب السوداء: “… فسبحان الذي خلق النجوم، وقدَّر لها مراحل حياتها، وسبحان الذي أوصلها إلى مرحلة الثُّقب الأسود، وجعله من أسرار الكون المبهرة، وسبحان الذي أقسم بتلك النجوم المستترة الحالكة السواد الغارقة بالظلمة، وجعل لها من الظواهر ما يعين الإنسان على إدراك وجودها، على الرغم من تسترها واختفائها، وسبحان الذي مكَّنها من كنس مادة السماء، وابتلاعها، وتكديسها، ثم وصفها لنا قبل أن نكتشفها بقرون متطاولة بهذا الوصف القرآني المعجز، فقال عزّ وجل: “فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ” التكوير:15-16، ولا أجد وصفًا لتلك المرحلة من حياة النجوم المعروفة باسم الثقوب السود أبلغ من وصف الخالق سبحانه وتعالى لها: بالخنس الكنس، فهي خانسة؛ أي: دائمة الاختفاء والاستتار بذاتها، وهي كانسة لصفحة السماء، تبتلع كل ما تمر به من المادة المنتشرة بين النجوم، وكل ما يدخل في نطاق جاذبيتها من أجرام السماء، وهي جارية في أفلاكها المحدَّدة لها، فهي خُنَّس جوار كُنَّس، وهو تعبير أبلغ بكثير من تعبير الثقوب السود الذي اشتهر وذاع بين المشتغلين بعلم الفلك، قال تعالى: “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا” النساء:122. ومن العجيب أن العلماء الغربيين يسمون هذه الثقوب السود تسمية مجازية عجيبة، تنطبق انطباقًا دقيقًا على الوصف القرآني: “الخنس الجوار الكنس” كما فصَّلناه آنفًا، وذلك حين يسمونها بالمكانس الشافطة العملاقة التي تبتلع “أو تشفط” كل شيء يقترب منها إلى داخلها …”.
من موقع رابطة العالم الإسلامي