قال تعالى ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” الحجر: 9. ” لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ” فصلت: 42. قال قتادة وثابت البناني: “حفظه الله تعالى من أن تزيد الشياطين فيه باطلًا أو: أن تنقص منه حقًا”. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ” رواه البخاري. فالقرآن معجزته العظمى التي اختص بها دون غيره فهو الحجة المستمرة الدائمة القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، كتاب خالد لا ينضب معينه، ولا تنقضي عجائبه ولا تنتهي فوائده محفوظ بحفظ الله من التغيير والتبديل والتحريف. قال ابنُ حَجَرٍ: “المراد أنه المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره؛ لأن كل نبي أعطى معجزة خاصة به لم يعطها بعينها غيره تحدى بها قومه، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه، كما كان السحر فاشيًا عند فرعون فجاءه موسى بالعصا على صورة ما يصنع السحرة لكنها تلقفت ما صنعوا ولم يقع ذلك بعينه لغيره، وكذلك إحياء عيسى الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لكون الأطباء والحكماء كانوا في ذلك الزمان في غاية الظهور فأتاهم من جنس عملهم بمالم تصل قدرتهم إليه؛ ولهذا لما كان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم في الغاية من البلاغة جاءهم بالقرآن الذي تحداهم أن يأتوا بسورة مثله، فلم يقدروا على ذلك”. لذا فالقرآن أخص معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، قال الماوردي: “والقرآن أوّلُ مُعْجزٍ دعا به مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم فصدعَ فيه برسالتِهِ، وخُصَّ بإعجازِهِ من جميعِ رُسُلِه”. ومن جملة حفظ الله لكتابه سهولة حفظه في الصدور وحفظه من التلاعب والتغاير في ألفاظه ومعانيه بالزياة والنقصان، ومن حفظه صيانته من المعارضة، ومن حفظه تقييد الله له العلماء الراسخين يذبون ويدفعون عنه شبه الملحدين إلى آخر الدهر.
من موقع رابطة العالم الإسلامي