يقول الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ” 63 الحج 63. هذه الآية من آيات العبودية النباتية لرب البرية في القرآن الكريم، فقد ربطت الآية بين الماء والنبات والأرض في إعجاز معجز، فالماء شرط ضروري للإنبات، وإن غاب الماء غاب النبات، والبذور والحبوب توضع في التربة بواسطة الزراع أو هي موجودة أصلا في التربة في الغابات والمراعي والأراضي الصحراوية والبرية. وتظل الحبوب والبذور كامنة في التربة حتى إذا هطل المطر بدأت عمليات الإنبات العجيبة، حيث تتشرب الحبوب والبذور الماء من التربة وتنتفخ. وتزداد في الحجم، ثم تبدأ البذور والحبوب الحية في إنتاج الإنزيمات المتوافقة مع المواد الغذائية المدخرة مع الجنين، فتتحول المواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية من صورتها المعقدة إلى صورة بسيطة تستطيع جزيئاتها الدخول إلى أنسجة الجنين وتغذيته، فتبدأ عمليات الانقسام والنمو في الجنين، ويفرز الجنين هرمونات النمو التي تجعل الجذير عادة يتجه إلى الأرض والرويشة تتجه إلى الهواء، ويبدأ الجذير امتصاص الماء والأملاح والمعادن من التربة، وتبدأ الرويشة إعطاء الأوراق الخضراء بعد أن يتكون فيها اليخضور والبلاستيدات الخضراء، ويبدأ النبات بالنمو والازدهار، ونحن نشاهد الحقول أثناء إعدادها للزراعة ووقت بذر البذور والحبوب وهي جرداء صفراء أو سوداء قاحلة، وعندما يهبط المطر أو تروى الأرض تظهر الرويشات فوق سطح الأرض لتعطي الساق فيتحول لون الأرض من الأصفر أو الأسود المغبر إلى الأخضر لتغطيتها بالغطاء النباتي الجديد والجميل. ونفس الشيء يحدث في الصحاري القاحلة التي تكون هامدة ساكنة متطامنة صفراء قاحلة، وبعد هطول المطر عليها تنبت الحبوب والبذور وجراثيم بعض النباتات والطحالب والفطريات كما قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً” الأنعام 99.
من موقع رابطة العالم الإسلامي