لقد سبق الإسلام أدعياء المدنيّة الحديثة، حين دعا إلى الاهتمام بالنظافة الشخصية، وتحرّي إماطة الأذى عن الجسد، واستحقّ بذلك أن يكون هذا الدين أنموذجاً فريداً للفطرة والطهر والنظافة، وتعهّد الإنسان المسلم لسنن الفطرة، كفيل بوقاية جسمه من الكثير من أمراض العصر الحديث، التي تكلّف ميزانيات وزارات الصحة في الغرب مبالغ طائلة لعلاجها وحلّ ما يترتب عليها من مشكلات، ندر أن تَظهر في أفراد المجتمع المسلم، حينما انقاد إلى تعليمات رسوله الكريم وهو ينادي بتطبيق سنن الفطرة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء”، يقول الراوي: ونسيتُ العاشرة، إلا أن تكون المضمضة، رواه مسلم وابن خزيمة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط”، متفق عليه. الفطرة هي شعور يميل الإنسان إليه بطبعه، وذوقه السليم، قال أبو شامة: “الفطرة في الخلقة مبتدئة، أي أن هذه الأشياء، إذا فُعلتْ اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها، واستحبّها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها”.
وقد فسّر كثير من العلماء الفطرة بأنها السنة، أي الطريقة التي جاء بها الأنبياء، والتي أمر خاتمهم عليه الصلاة والسلام باقتدائها، قال البيضاوي: “الفطرة المرادة هنا، هي السنّة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقتْ عليها الشرائع، وكأنّها أمر جبلّي فطروا عليه”. والإسلام دين الفطرة، وما تعاليمه ووصاياه إلا مما يمتّ إلى الفطرة فسمّاها بسنن الفطرة، لارتباطها الوثيق ببدن الإنسان، ووظائفه الحياتية.
من موقع رابطة العالم الإسلامي