تتجه العلاقات الجزائرية–الصينية إلى مرحلة جديدة من التطور، حيث سيتم تعزيز التعاون من خلال التكوين وتبادل الخبرات، إلى جانب وضع آليات تعاون مباشر بين المستشفيات في البلدين، بما يعزز الشراكة الصحية ويضمن استدامتها وفاعليتها، وهو ما تم تأكيده في مراسم أشرف عليها وزير الصحة، البروفيسور محمد صديق آيت مسعودان، رفقة سفير جمهورية الصين الشعبية، دونغ قوانغلي، لتكريم البعثة الطبية الصينية الثامنة والعشرين بمناسبة مغادرتها الجزائر. أكد الوزير، في مستهل الكلمة التي ألقاها بهذه المناسبة، بالمعهد الوطني للصحة العمومية بحضور إطارات من الإدارة المركزية، على أهمية هذا الاحتفال الذي يتسم بالتأثر والعرفان، بمناسبة مغادرة البعثة الطبية الصينية التي عملت في الجزائر على مستوى عدد من ولايات الوطن في مختلف الاختصاصات الطبية والجراحية، طيلة سنتين. كما أنّه يُعدّ بالنسبة لبلادنا فرصة لتقديم الشكر والتأكيد على الالتزام القائم على التعاون والإنسانية والتضامن بين البلدين اللذين تربطهما أواصر الصداقة والتعاون منذ عقود من الزمن، لا سيما في مجال الصحة، حيث إن أول بعثة طبية صينية أُرسلت إلى الجزائر كانت بعد الثورة المظفرة وغداة الاستقلال.
الجزائر ستستقبل بعثة طبية صينية جديدة ..
وأعرب الوزير، عن تقدير الجزائر العميق لأعضاء البعثة الطبية الصينية، الذين باشروا فور وصولهم العمل جنباً إلى جنب مع زملائهم الجزائريين من السلك الطبي دون توقف، وقد شاركوهم معارفهم وخبراتهم المهنية ووحّدوا جهودهم بشكل خاص لتقديم أفضل رعاية صحية ممكنة لمواطنينا. ولم يقتصر إسهامهم على تقديم خبرتهم فحسب، بل أظهروا أيضاً مستوى عالياً من الاهتمام والتفاني المهني. وأضاف أن العمل المنجز خلال هذه البعثة كان مُرضياً، كما أن تدخلات أعضائها كانت في المستوى المطلوب، حيث أدخلت الطمأنينة على العديد من العائلات. كما دعمت قدرات الفرق الطبية بتقنيات مبتكرة وساهمت في إثراء الصداقة القائمة بين البلدين. كما قدم وزير الصحة تحيات كافة الأسرة الصحية للفريق الطبي الصيني على ما بذله من احترافية وتفانٍ وروح تضحية. فقد مارس أفراده مهمتهم أحياناً بعيداً عن الأهل والوطن، ورغم ذلك أظهروا إقداماً وحزماً واستعداداً لأداء مهام تقديم العلاجات المناسبة لفائدة مواطنينا. واعتبر الوزير أن هذه البعثة كانت “بمثابة جسر بشري وعلمي ساهم في توطيد العلاقات بين بلدينا. فقد أعطى وجودكم نفساً جديداً للتعاون الجزائري–الصيني، ذلك التعاون الاستراتيجي الذي يستمر منذ أكثر من نصف قرن والذي يعد نموذجاً مثالياً في التضامن الدولي”. واختتم الوزير حديثه بتجديد عبارات الشكر والعرفان لأعضاء البعثة الطبية الصينية الذين يستعدون للرجوع إلى وطنهم، لالتزامهم وإنسانيتهم وأثرهم الطيب الذي لا يمحى، متمنياً لهم عودة ميمونة والامتياز في أداء مهامهم المستقبلية، مع دوام الصداقة الجزائرية–الصينية. كما ستستقبل الجزائر بعثة طبية صينية جديدة خلفاً للبعثة الثامنة والعشرين. ومن جهته ألقى سفير جمهورية الصين الشعبية كلمته، حيث أعرب فيها عن تأثره البالغ بهذه المناسبة، موجهاً باسم سفارة الصين جزيل شكره وامتنانه لجميع أعضاء الفريق الطبي على التزامهم وتفانيهم طوال فترة عملهم في الجزائر. كما رحّب بالفريق الطبي الجديد الذي بدأ بعض أعضائه الالتحاق بمهامه. وأكد سعادة السفير، أن أعضاء الفريق الطبي الصيني كانوا في مستوى الثقة التي وضعتها فيهم بلادهم، حيث جسّدوا روح الفرق الطبية الصينية وأشاد بعملهم المشترك مع زملائهم الجزائريين، وما قدموه من خدمات صحية أسهمت في إنقاذ الأرواح وكسب احترام الشعب الجزائري.
السفير الصيني.. سيتم تعزيز هذا التعاون من خلال التكوين وتبادل الخبرات
كما أبرز السفير مساهمة الفريق في تبادل الخبرات وتنظيم المحاضرات والدورات التدريبية، مما ساهم في دعم التطور التقني للفرق الطبية الصينية–الجزائرية، مؤكداً أنهم كانوا، إلى جانب الفريق الطبي الجزائري ، جسراً لتعميق أواصر الصداقة بين الشعبين. وتطرّق إلى التاريخ الطويل للتعاون الطبي بين البلدين، مشيراً إلى أن الصين كانت أول دولة تستجيب لاحتياجات الجزائر الصحية بعد الاستقلال بإرسال أول فريق طبي صيني إلى الخارج سنة 1963. وقد توالى منذ ذلك الحين 28 فريقا بلغ مجموع أعضائها 3603 أفراد وأكد أيضا أن التعاون الطبي يجسّد عمق الصداقة الصينية–الجزائرية والتعاون المثمر بينهما. وفي ما يتعلق بالمستقبل، أوضح السفير أن العلاقات بين البلدين تدخل مرحلة جديدة من التطور، وسيتم تعزيز هذا التعاون من خلال التكوين وتبادل الخبرات ووضع آليات تعاون مباشر بين المستشفيات الصينية والجزائرية. واختتم السفير كلمته، بالتأكيد أن مراسم الوداع لا تمثل نهاية، بل بداية لمسار جديد لأعضاء الفريق المغادر، مشيراً إلى أن الخبرات التي اكتسبوها في الجزائر ستعود بالنفع على عملهم مستقبلاً، كما ستسهم في تعزيز التعارف بين الشعبين الصيني والجزائري.
سامي سعد















