تاريخ وتراجم

العز بن عبد السلام

العز بن عبد السلام

أحد العلماء العاملين الأعلام، اشتُهر بشجاعته وصدعه بالحق، كما كان عالماً في علوم وفنون شتى، كالتفسير وعلوم القرآن، والحديث، والعقائد، والفقه وأصوله، والسيرة النبوية، والنحو والبلاغة، والسلوك والأحوال القلبية. وله مؤلفات نافعة تشهد بأنه أحد العلماء الربانيين، وأحد الأفذاذ الذين اختارهم الله تعالى لتجديد فقه الشريعة، ومن أعظم ما كتب في مقاصد الشريعة وقواعدها كتابه الذي سارت بذكره الرُّكبان: ” قواعد الأحكام”
ولد العز بمدينة دمشق سنة 577 هـ، كان أبوه فقيرا جدا، وكان العز يساعده في أعماله الشاقة كإصلاح الطرق وحمل الأمتعة. توفي الأب، فذهب الطفل ليعمل في نظافة المسجد وحراسة نعال المصلين التي يتركونها خلفهم أمام باب المسجد وسمحوا له أن ينام في زاويته على الرخام. كان الطفل وهو يقوم بأعماله الشاقة والمتعبة يصل إلى سمعه كلام الشيوخ في حلقات العلم والدرس التي كانت تعقد بالمسجد، وأقبل العز على المكتب في شغف عظيم، وحفظ القرآن، وأتقن القراءة والكتابة والخط الحسن وعوض ما فاته من سنوات الدرس. ثم عكف على دراسة الحديث الشريف وغيره من العلوم، ثم رحل إلى بغداد، ليعود إلى دمشق وقد صار عالما إماما متبحرا في مختلف علوم الشريعة.
تولى مكانه العز بن عبد السلام الخطابة والتدريس حيث عينه والي دمشق إماما للجامع الأموي الكبير، كان العز رحمه الله خطيبا بارعا يؤثر في مستمعيه بصدق عاطفته، وغزارة علمه، وسلاسة أسلوبه، ووضوح أفكاره، وقد عُرف عنه أنه كان لا يسكت عن خطأ، كما كان قوالا للحق لا يخاف في الله لومة لائم، وقد كانت مواقفه تسبب له مضايقات كثيرة، لكنه لم يكن يهتم بها لأنه كان يرى أن ذلك يدخل في إطار مهمته ورسالته التي أنيطت به كعالم.