وجهها، كان نذير شُؤمٍ برغم جماله… لا يمكنُ لطفلةٍ تلِجُ بوابة الأنوثة إلى امرأةٍ ناضجة بيولوجياً… أن تتخيَّر مصيرها… كانتْ طفلةً ومضى الوقت سريعاً… عندما نظرتْ إلى المرآة، رأتْ وجهها المُزَّين والطرحةُ البيضاء تُغطيه…
قالوا لها إن هذه الجنَّة والخلاص وأن هذا الخاتم، الذي يُزيِّن إصبعها، مفخرةٌ من دونه هي كالأنعام أو أضَّل فأمُّها لا تريد أن تُدعى ابنتها ذاتُ الأربع والعشرين سنة ”بايرة”
قيل لها كذلك، أن الدراسة لا تنفع في شيء مطلقاً وأن رواياتها التي في غُرفتها هراء كبير وأن طموحها في أن تصير عازفة كمانٍ مشهورة،،، حراااام لأنه الكفر البواح
وأن الحبَّ، كذبةٌ كبيرةٌ، لمَ يجب أن تحب رجلاً؟، يكفي أن تمنحهُ جسدها كلما أراد وتلد له قطيعًا من الأبناء وتجيد الطبخ والغسيل وترتيب المنزل.
لمَ تهتَمُ للفرق في العمر؟، الرجل، رجل لا يُعاب، وزوجها لا يكبُرها إلاَّ بعشرين سنةٍ “فقط”!
لماذا تُريد توافقاً فكريًا، تلك أفكارٌ مَسيحيةٌ… غربية،،، أُريد بها تدمير الأسرة العربية
هي تحملُ شهادة ماجيستير في اللغات الأجنبية والأدب المُقارن، هو خرج متسرباً من المدرسة في سنِّ العاشرة، وماذا في ذلك قالتْ أُمها فاطمة…؟
”إنه يملك عقاراتٍ وحوانيت لبيع الصيغة الذهبية، إنه كنزٌ يا بنتي … إنها الفرصة التي لا تعوض، إن رفضتِه لا أنتِ ابنتي ولا أنا أمك، سأتبرأ منك إلى يوم الدين…”.
أبوها كذلك سعيدٌ جدًا، فقد ارتاح من بطنٍ آخر سيُشارك أبناءه الخمسة، الآخرين الأكل والشرب…
المكان كلُّه يعجُّ بالنسوة والرجال المبتسمين الراقصين بزهوٍ وفرح…
ابتلعتْ مريمُ دموعها حتى لا تُفسد المكياج الفاقعَ الذي لطختها به الحلاقة، ظنًا منها أنها تُزينها، بينما جعلتْ منها وجهًا محنطًا بألوانٍ غير متناسقة، قالوا لها من العيبِ أن تُبقي العروس على لونِ شعرها أسودًا يوم زفافها… لكنَّها تحبهُ فاحمًا…
من يهتم لرأيها؟ أو ما تحبُّ أصلاً… يا ترى؟
من يريد أن يفهم ماذا تحبُّ تلك الفتاة؟
مشتْ بهدوءٍ تجر ذيل ثوب زفافها المرير… الفتياتُ في الصالة ينظرن إليها بحسد
”يا لها من محظوظة إنه رجلٌ غني جدًا، ستعيش معه كالملكة… يا لِحظنا التعس، لمَ لا يتقدم إلينا رجالٌ أغنياء…؟”
جاء موكبُ العريس وحُملتْ إلى بيت الزوجية… دخلتْ باب تلك الغرفة لتقابل رجلا في صفة ذئب، ينظرُ إليها تلك النظرة المُقززة ،،، لا يهمه سوى مكانٍ واحدٍ سيحتلُّه بعنفٍ وينام…
“أنا العانسُ في بيت زوجي” قالتْ مريم لنفسها في المرآة وهي على وشكِ أن ترمي بجسدها على الفراش كقطعةِ لحمٍ باردة بلا إحساس…!
رحمة بن مدربل/ البليدة