-
تزايد العنف الرقمي في الجزائر رغم صرامة القانون
-
مطالِب بأن تكون التكنولوجيا قوّةً من أجل المساواة، لا أداةً لإلحاق الضرر
تحيي دول العالم، اليوم، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة تحت شعار “اتحدوا لإنهاء العنف الرقمي ضد المرأة”، وجاء هذا الشعار بسبب تحول العالَم الرقمي من آفاقٍ جديدة للتواصل والتمكين، إلى ساحةٍ مكتظّةٍ بالعنف والإساءة بالنسبة إلى ملايين النساء والفتيات.
ينتشرُ العنف الرقمي بوتيرةٍ مُفزِعة، مدفوعًا بتقنياتِ الذكاءِ الاصطناعي، وإخفاءِ الهُويّة، وقد تمدد ليشمل كلَّ زوايا الفضاء الإلكتروني من التعرّضِ للتحرش والملاحقة عبر الأنترنت، إلى الكشفِ القسري للمعلومات الشخصية، وتداولِ الصور من دون موافقة، وتقنياتِ التزييفِ العميق، وحملاتِ التضليل التي تُستخدَم كسلاحٍ لإسكات النساء والفتيات وتخويفهن والتشهير بهن.
تهديد لسلامة المرأة البدنية وصحتها النفسية
يُمثل العنف الرقمي تهديدا لسلامة المرأة البدنية وصحتها النفسية، وبالنسبة لـ 1 من كل 3 نساء لم يمكث العنف عبر الأنترنت في الحيز الرقمي، حيث أبلغت 33 بالمائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الأنترنت أن بعض أو كل تجاربهن في العنف عبر الأنترنت انتقلت إلى خارجه، وعلاوة على ذلك أفادت نسبة 12 بالمائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف عبر الأنترنت بتعرضهن للعنف بعد إبلاغ أفراد أسرهن بالواقعة.
الجزائر.. آليات إبلاغ مقابل تزايد وتيرة العنف الرقمي
يُعدّ العنف الرقمي ضد النساء في الجزائر تحدياً يتضمن أشكالاً متعددة مثل التحرش، والتهديد، والتشهير، والذي يمكن أن يتفاقم بشكل أكبر ليُصبح عنفاً جسدياً أو نفسياً، ولهذا وفرت الدولة الجزائرية عبر مؤسساتها آليات للدعم والإبلاغ عبر أرقام الطوارئ والمراكز المتخصصة التي تقدم المساعدة لضحايا العنف.
وحول هذا الموضوع أشارت دراسة قامت بها جمعية “التحدي للمساواة والمواطنة” إلى تزايد العنف الرقمي في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، والذي غالبا ما يمارس من أشخاص مقربين، كما وضحت الدراسة أن أنواع العنف الرقمي الممارس شملت التحرش، الابتزاز، التهديد، السب والقذف، ونشر محتوى مسيء، وحسب الدراسة التي شملت 112 امرأة، 83 بالمائة منهن تعرضن لابتزاز أو تحرش رقمي، 60 بالمائة منهن تعرضن لإهانات أو تشهير أو سب إلكتروني، 54 بالمائة تعرضن للتخويف، 42 بالمائة تعرضن للتهديد بنشر صور حميمة لهن، وأشار تقرير الدراسة إلى أن هذا النوع من العنف الرقمي لا يؤثر فقط على الضحية وإنما يمتد أحيانا ليضر سمعة العائلة خاصة عند نشر الصور أو البيانات الشخصية.
بحوث قانونية وأكاديمية
كشف بحث أكاديمي وقانوني بعنوان “العنف الرقمي.. نمط إجرامي حديث موجه ضد المرأة في الجزائر” كيفية توفير الفضاء الرقمي لأدوات جديدة لممارسة العنف سواء التهديد أو التشهير عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وقال التقرير إن القانون الجزائري ورغم وقوفه بالمرصاد لهذه الممارسات إلا أنه ما زال يعاني من بعض الصعوبات في التعامل مع العنف الرقمي بالكفاءة اللازمة.
تطبيقات رقمية لمساعدة المرأة
في سياق استكمال برامج العناية الأسرية التي وضعتها الدولة من أجل تعزيز حماية المرأة وترقية حقوقها، أطلقت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة منصة “حمايتي” الموجهة لفائدة النساء ضحايا العنف والتي تسمح لهن بالتبليغ وطلب الاستشارة أو الدعم والتقرب من المصالح المعنية بحمايتهن، وستمكن المنصة أيضا من “تعزيز المجهودات الوطنية المبذولة في مجال حماية ودعم ومرافقة المرأة الجزائرية من خلال تقديم خدمات متنوعة ومتكاملة”، وإلى جانب ذلك يضمن هذا الفضاء الرقمي “تغطية أشمل لجميع النساء في كل المناطق وفي مختلف الظروف من خلال الربط البيني لمختلف المصالح الأمنية والمصالح المختصة لقطاعي العدالة والصحة”، كما تعتبر هذه المنصة فضاء لنشر التوعية قصد تعزيز التضامن وتمكين المرأة من ممارسة حياتها وأدوارها الاجتماعية بكل أمان من أجل أسرة مستقرة ومجتمع آمن ومزدهر.
إضافة إلى تطبيق “حمايتي” الذي أطلقته وزارة التضامن، تم إطلاق عدة تطبيقات رقمية أخرى في الجزائر مخصصة لمساعدة النساء على الإبلاغ عن العنف أو طلب التدخل العاجل، لكن بعض التقارير قالت إنها محدودة الفعالية بسبب عدم معرفة بعض النساء لوجودها في بعض الحالات، ومع هذا يؤكد المختصون أن هذه المبادرات هي خطة إيجابية في انتظار انتشار استعمالها وتعرّف النساء عليها، حيث أطلقت جمعيات وناشطات نسوية وحقوقية في الجزائر، تطبيقات رقمية في سياق البحث عن حلول للحد من ظاهرة العنف ضد النساء، بعدما أصبح استهداف المرأة سواء جسدياً أو لفظياً، يتسبب في جرائم ومآسٍ بلغت في مرات عدة حد القتل، ومن بين أهم التطبيقات نذكر تطبيق “جزايرية” الذي أطلقته جمعية “جزائرُنا”، ويتيح للمستخدمات التبليغ عن العنف الذي يتعرضن له، مع ضمان السرية والأمان، إضافة إلى “ألو شرطة” الذي أطلقته مديرية الأمن، ويسمح بالتبليغ عن الاعتداءات اليومية، سواء ضد النساء أو الرجال.
ومن بين التطبيقات أيضاً التي باتت متاحة في الجزائر، في إطار مكافحة العنف ضد النساء، تطبيق “سوروريتي” الذي هو عبارة عن نظام إنذار مجاني عالمي، تستعمله النساء حصراً للتبليغ عن العنف الذي يتعرضن له في الأماكن العامة.
حملة الـ 16 يوما
هذا، وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أطلقت حملة الستة عشر يوماً من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي وهي حملة دولية لمواجهة العنف ضد النساء والفتيات،
وتُجرى الحملة كل عام ابتداءً من 25 نوفمبر، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، إلى غاية 10 ديسمبر، وهو يوم حقوق الإنسان. وقد بدأت الحملة في عام 1991 بواسطة معهد المرأة العالمي الأول للقيادة، الذي عقده مركز القيادة العالمية للمرأة في جامعة روتجرز. وحالياً، يشارك في الحملة أكثر من 3700 منظمة سنوياً من 164 بلد تقريباً.
وتهدف هذه الحملة إلى ما يلي:
زيادة الوعي: رفع الوعي حول أشكال العنف المختلفة ضد النساء والفتيات، مثل العنف الجنسي والرقمي، وزواج الأطفال، وتشوه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
الدعوة للتغيير: الدعوة إلى إجراء تغييرات في القوانين والسياسات والبرامج لحماية النساء والفتيات من العنف.
دعم الضحايا: تقديم الدعم والموارد للنساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف، وتوفير آليات للإبلاغ عن حوادث العنف.
إشراك الشباب: إشراك الشباب في جهود مناهضة العنف من خلال الفعاليات الفنية والثقافية والتطوعية.
لمياء. ب






