العالم يحيي “اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة”… جزائريات مغتصبات تحت طائلة المجتمع لا القانون!

العالم يحيي “اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة”… جزائريات مغتصبات تحت طائلة المجتمع لا القانون!

يحيي العالم، الاثنين، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 2019 تحت شعار “لون العالم برتقالي.. جيل المساواة ضد جرائم الاغتصاب”، حيث يتم التركيز هذه السنة على قضايا العنف الجنسي والاغتصاب وكذلك أشكال العنف من الختان والزواج المبكر.

ويعتبر العنف ضد النساء والفتيات هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا في عالمنا اليوم، ولكن لا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة ووصمة العار المحيطة به.

 

مساعي الأمم المتحدة للقضاء على الظاهرة بحلول 2030

تحتفل حملة “UNiTE” التي تأتي بدعم من الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وحملة الـ 16 يوما والتي تبدأ الاثنين وتستمر حتى 10 ديسمبر المقبل لمناهضة أشكال العنف القائمة على النوع الاجتماعي، والتخلص منها بحلول 2030، حيث تهدف حملة الأمم المتحدة إلى محاربة العنف الجنسي على غرار الإعتداء والتحرش وكذلك الاغتصاب، الذي تتعرض له كثير من الفتيات والسيدات حول العالم، سواء في أوقات السلم والحرب، وتم الانتباه لتأثيره نتيجة أصوات الناشطين وعمل الأمم المتحدة من خلال حملتها الداعية إلى اتخاذ موقف ضد الاغتصاب، دون تركه يؤثر على أجيال متعددة من النساء.

 

.. وفي الجزائر أكثر من حالة اغتصاب يوميا

تسجل الجزائر يوميا أكثر من حالة اغتصاب تذهب ضحيتها نساء تتراوح أعمارهن ما بين 15 و45 سنة، أرغمن على الممارسة الجنسية تحت طائلة التهديد أو الضرب والإكراه… فقضايا الاغتصاب التي قلما كنا نسمع عنها تحولت إلى ظاهرة وتفشت بشكل أثار انتباه الأخصائيين وأسال الكثير من الحبر حول الأسباب التي غيرت من سلوكيات الجزائري… وضاعت الحقيقة بين اتهام الفتيات بالعري والاستفزاز وبين تخلي الرجل الجزائري عن شهامته.

جاء في تقارير حديثة أصدرها بالتزامن كل من الدرك الجزائري والمعهد الجزائري للصحة، أنّ تحقيقات ميدانية سجلت أكثر من 53 حالة اعتداء جنسي منذ بداية السنة، وتتوزع هذه الإعتداءات بين أفعال مخلة بالحياء، جرائم اغتصاب، شذوذ جنسي، زنا محارم، إضافة إلى هتك أعراض قاصرين من الجنسين. وحسب تصريحات عدد من المحققين ممن اشتغلوا على قضايا اعتداءات جنسية، فإنّ مرتكبي الجرائم المذكورة هم عصابات منظمة تقوم بتنويم ضحاياها بمواد سائلة يتم حقنها في مشروبات معلبة، قبل الاعتداء عليهم جنسيا، كما لم يكتف المعتدون بجرائمهم، بل امتهنوا التجارة الجنسية من خلال ابتزاز الضحايا بنشر صور فاضحة لهم، وترويجها بواسطة تقنية البلوتوث، أو على شبكة الأنترنت، إن لم يدفعوا أموالا ضخمة.

 

العاملات في المصالح الإدارية الأكثر تعرضا

ويقول خبراء اجتماعيون إنّ الجامعيات والعاملات في مختلف المصالح الإدارية هنّ أكثر الفئات تعرضا للعنف الجنسي، بسبب وقوع المئات منهنّ ضحية للتحرش خلال رحلة بحثهن عن وظيفة. وتشير الإحصاءات المتوفرة لدى مصالح الأمن إلى أن 80 بالمائة من حالات الاعتداء الجنسي كان أبطالها من المحارم، آباء اعتدوا على بناتهن، بينما البقية تورط فيها أشقاء الضحايا أو أحد الأقارب. وفي وقت يشدّد أكثر من طرف على أنّ الآفة وتوابعها دخيلة وبعيدة كل البعد عن شيم المجتمع الجزائري.

ويذهب متابعون إلى أنّ جريمة زنا المحارم متفشية، لكن تكتم الضحايا خوفا من الفضيحة يجعل مداها الحقيقي مجهولا، فيما يركّز مختصون على افتقاد الضحايا لأي تكفل نفسي، رغم معاناة القاصرين كما النساء من عقد نفسية وصدمات وما يرافقها من عزلة وانطوائية.

 

اللباس غير المحتشم للفتيات أم غياب الشهامة عند الشباب

محرز شاب بطال يقول إن الاغتصاب والاعتداء الجنسي صار سلوكا عاديا من بعض الشباب اليوم، نظرا لما يتعرضون له من استفزازات من طرف فتيات خليعات يدعين لذلك بكل الوسائل والطرق. فملابسهن مثيرة وسلوكهن بعيد كل البعد عن الحشمة والأدب، كما أنهن غالبا ما يرحبن بالعلاقات مع الشباب ويقبلن الهدايا والأموال وحتى بالخروج إلى أماكن بعيدة عن الأنظار، فيما يقول منير إن الكثير من المراهقات يتخذن هذا الطريق عن جهل منهن ولما يقع المحظور يخشين التصريح بما حدث خوفا من الأهل، خاصة أنهن ذهبن مع الشباب بإرادتهن. أما عقيلة وهي أم لأربع بنات شابات، فتقول “الوقت صعيب وبنات اليوم يلزمهم عساس، حتى لو كن يتلقين أفضل تربية في البيت، فإن الخوف كل الخوف من الاختلاط والتقليد. لذا على الأولياء مراقبة بناتهم وحتى أبنائهم الشباب من أصدقاء السوء والتأثير السلبي الذي يحدثونه خاصة أننا في زمن الأنترنت وما يحدث من خلالها بين الشباب في غرف “التشات”، كل ذلك صرت أعرفه وأسمعه من خلال مراقبة بناتي. والحقيقة أن الحكايات التي نسمعها حول شباب اليوم تطير النوم من العين وربي يسترنا”.

 

التكتم يتيح للجاني الإفلات من العقوبة

أرجع الأستاذ في الطب الشرعي رشيد بلحاج تفشي ظاهرة الاغتصاب إلى عدة أسباب أهمها انعدام ثقافة العلاقات الجنسية في مجتمعنا، واعتبر أن عدم التبليغ عن الحالات من أهم الأسباب التي تؤدي إلى عدم التحكم في الظاهرة والسيطرة عليها لأنها تضاعف من معاناة الضحايا وتتيح للجاني الإفلات من العقاب، وبالتالي تكرار مثل هذه الاعتداءات، كما أن الحالات المسكوت عنها تجعل من المستحيل الإلمام بكل المعطيات لرصد الظاهرة.

 

التغيرات الحاصلة وراء تزايد الإغتصاب

الأخصائية النفسانية بديعة بن محمد: “التصريح بالاغتصاب لا يمثل سوى 01 بالمائة من الواقع”، أرجعت الأخصائية النفسانية بديعة بن محمد انتشار الاغتصاب في مجتمعنا إلى التغيرات التي طرأت عليه في السنوات الأخيرة كالعوامل الأمنية والاقتصادية والغزو الثقافي. والجديد في الظاهرة اليوم أن فئة المتورطين من الجامعيين والأساتذة ولم تعد تخص الفئة الأمية. وأضافت أن إحصاءات الاغتصاب للأسف لا تمثل سوى 10 بالمائة من الواقع، ذلك لأن هذا الطابو مسكوت عنه من طرف أغلبية الضحايا خوفا من العار والفضيحة وقليلا ما تظهر الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها إذا ما اقترنت بجرائم أخرى خاصة القتل أو التعذيب والتنكيل أو الحبس بالإكراه مما يفضح حتما الحادث. وأكدت الأخصائية بأن المغتصب في أغلب الأحيان يملك مواصفات نفسانية معينة كالعدوانية أو دافع الانتقام من المرأة أو أنه يعاني من خلل نفسي أو اضطرابات وفي الكثير من الأحيان يكون المغتصب من مدمني المخدرات. والجديد في ظاهرة الاغتصاب، تضيف الأخصائية، أنه لم يعد يقتصر على الفتيات المستهترات أو اللواتي يتهمن دوما بأنهن السبب المباشر أو غير المباشر في حدوث الاغتصاب، بل صارت تمس حتى ربات البيوت والطالبات الجامعيات، لذا من الخطأ تجريم الضحية لأي سبب كان لأن الضحية هي ضحية مهما كانت والجاني هو المذنب ولا يجب أن نعطيه الأعذار على جريمته. وأضافت أنه قد حان الوقت ليغير المجتمع نظرته وإدانة المجرمين الذين يهتكون أعراض المحصنات والقاصرات وعدم اعتبار من وقعت ضحية مجرمة أو شريكة فيما حدث، لأن الاغتصاب أعمى وأغلب الضحايا لا يعرفهن الجناة. وأكدت أن ظاهرة الاغتصاب نتيجة طبيعية لانتشار القنوات الفضائية الإباحية والكليبات العارية.

لمياء. ب