يوجد في الجزائر أزيد من 2500 طفل مصاب بمرض الـ”تريزوميا”، ويُرجع عند معظم الأطباء للزواج بالأقارب أو الزواج المتأخّر، فبعد معرفة الأولياء أن ابنهم مصاب بهذا المرض تتحوّل فرحتهم إلى حزن، ويصبح الطفل غير مرحّب به أو مصدر خجل للعائلة والأسئلة التي تُتعب الأولياء هي: ماذا أفعل بهذا الطفل؟ ما هو مستقبله؟ كيف سيواجه المجتمع والاندماج فيه؟، ولكن الذي لا يعلمه الأولياء أن الطفل التريزومي مثل كل الأطفال، فقط هو محتاج للكثير من الحنان والرعاية، لهذا تعتبر مساعدة الأولياء الركيزة الأساسية لكي يُنمّي هذا الطفل مهاراته وقدراته.
ترجع أغلب الدراسات أهم سبب لإنجاب طفل مُصاب بـ”التريزومي “إلى تقدم عمر الأم، خاصة في حالة الحمل بعد سن 35، فالأم التي تحمل في سن 30 يكون احتمال ولادة طفل منغولي لديها بنسبة 1 إلى 1000 بالمئة، وتصبح النسبة من 1 إلى 400 في عمر 35، وتصبح النسبة من 1 الى 60 في عمر 42، و1 إلى 25 في سن 45 فما فوق.
“متلازمة داون” تنشأ نتيجة وجود 3 نسخ من كروموسوم 21
فكل خلية بشرية بها 23 زوجا من الكروموسومات، أي 46 صبغة، وتنتج “متلازمة داون” من وجود 3 كرموسومات للصبغة رقم 21 “داون” بدلا من 2 “الطبيعي” وتسمى علميا بثلاثية 21، أي أن “متلازمة داون” تنشأ نتيجة وجود 3 نسخ من كروموسوم 21 بدلا من نسختين، بما يعني زيادة في عدد المورثات الصبغية عند الشخص المصاب، بحيث يكون إجمالي المورثات الصبغية لدى الشخص 47 مورثا، بينما يكون العدد الطبيعي للشخص العادي هو 46 مورثا فقط. وتشير الأبحاث، إلى أن احتمال أن تتكرر إصابة طفلين في أسرة واحدة بمتلازمة داون تعتمد بالدرجة الأولى، على نتيجة تحليل الكروموسومات للطفل المصاب، فإذا أظهر تحليل كروموسومات أنه من نوع كروموسوم 21 الثلاثي، فإن احتمال أن يصاب طفل آخر في الحمل المقبل 1 بالمائة فقط، وتزيد هذه النسبة إذا كان عمر الأم يزيد على 40 عاما إلى 2 بالمائة، ولو أظهر تحليل كروموسومات الطفل الذي لدية متلازمة داون أنه من النوع الفسيفسائي أو متعدد الخلايا فإن نسبة تكرار الإصابة في الحمل القادم نفس احتمالات النوع الأول أي 1 بالمائة تقريبا. وفي حالة ما أظهر التحليل، أنه من نوع الناتج عن تلاصق وانتقال الكروموسومات، فإن احتمال أن يتكرر المرض يعتمد على نتيجة تحليل دم الأبوين، فإذا كان تحليلهما سليما، فإن احتمال أن يولد طفل آخر لدية متلازمة داون في الحمل القادم تقريبا 1 بالمائة، أما إذا كانت نتيجة تحليل الأم سليم والأب حامل لكروموسوم مركب أو ملتصق مع كروموسوم غير 21، فقد يصاب طفل آخر في الحمل القادم بنسبة 2-3 بالمائة، وفي حالة إذا كانت الأم هي الحاملة لكروموسوم المركب أو الملتصق مع كرومسوم غير 21 فإن احتمال أن يصاب طفل آخر في الحمل القادم هو 10-15 بالمائة.
الطب الحديث يكتشف الإصابة أثناء الحمل
أما عن التشخيص فقد تمكن الطب الحديث من تشخيص المرض أثناء الحمل، وذلك من خلال فحص صبغة الجنين الوراثية، ومن أكثر الطرق انتشارا بالنسبة لتشخيص فحص “السائل الأمينوسي” الذي يحيط بالجنين في الرحم، وفحص الغشاء المشيمي، ويتم الفحص بواسطة الأشعة فوق الصوتية. ويؤكد المتخصصون، أن طفل متلازمة داون يأخذ وقتا أطول لاكتساب المهارات مقارنة بأقرانه، كما أنه لا يكتسب كل المهارات التي يمكن أن يكتسبها من هم في مثل سنه، ولكن يمكن تقليل هذه الفروق بالتدخل المبكر وتدريب الطفل لاكتساب المهارات المختلفة، فبعض الأبحاث أكدت أن بعض أطفال المتلازمة يكتسبون المهارات بشكل أسرع إذا قدم لهم التدريب والتعليم في وقت مبكر.
المختصون يقدمون للأم أهم طرق الرعاية
ويقدم المتخصصون للأم بعض الطرق لتشجيع نمو طفل متلازمة داون، ويؤكدون أن لمس الطفل وحضنه، والابتسام في وجهه تعطيه المزيد من المحبة، وينصحون الأم كذلك بالتحدث مع الطفل، وذلك لأن الأطفال في كل الأعمار يحبون أن تغني لهم أمهاتهم، ويحبون أن تروى لهم القصص والحكايات، فهم أول يسمعون الكلمات قبل أن ينطقوا بها، كما أن اللعب مع الأطفال يشجعهم على اكتشاف الأشياء المختلفة، والألعاب التخيلية تنمي تفكيرهم. كما أن الأطفال الصغار، يستمتعون بالنظر إلى الصور في الكتب والمجلات، وتفيد التجارب الاجتماعية في أن يصبح الطفل أقل انعزالا عن محيطه الاجتماعي، وخاصة إذا لم يكن قد التحق بالحضانة أو الروضة عند السنة الثانية من عمره، ويحذر المتخصصون الآباء والأمهات من المبالغة في التعليم العلمي كبرامج الكمبيوتر المعقدة لتنمية مهارات الأطفال الصغار، لأن هذا الأسلوب قد يضغط على الطفل من الناحية النفسية يؤدي إلى خسارة اهتمام الطفل بالتعلم والمعرفة. من جهة أخرى، ينصح المتخصصون الآباء بضرورة المتابعة الدورية لطفل متلازمة داون كي يتم تجنب إصابتهم بمشاكل صحية أكبر، وذلك عن طريق متابعة الأطباء دوريا لملاحظة عمل الغدة الدرقية بصفة دورية، وقياس السمع والنظر بشكل دوري، وعمل أشعة لفقرات العنق وتخطيط للقلب وأشعة صوتية، لفحص عمل الجهاز الهضمي.