تُحيي الجزائر على غرار دول العالم اليوم العالمي للتطوع، الذي اعتمد من قبل الأمم المتحدة تكريما للعمل التطوعي ودعما لدوره في التنمية الإقتصادية والإجتماعية في المجتمعات.
الجزائر تفتك جائزة رواد العمل التطوعي بالوطن العربي لسنة 2022
تحصلت الجزائر، بالمنامة (البحرين)، على جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لرواد العمل التطوعي في الوطن العربي، وافتك الموفد الجزائري عادل قانة جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لرواد العمل التطوعي في الوطن العربي، نظير العمل البارز المقدم في ميدان العمل التضامني والتطوعي والتنموي، وبالخصوص تثمينا لقوافل الأطباء المتطوعين التي نظمتها الشبكة الجزائرية للشباب تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في ثلاث طبعات متتالية (2020، 2021 و 2022) كنموذج يحتذى به وتجربة يمكن العمل وفق خبرتها.
المجموعات التطوعية عبر الفايسبوك.. طريقة موازية للنشاط التطوعي
تختلف الأعمال التطوعية وسبل إنجازها، إلا أن الأهداف المشتركة للشباب الراغب في العمل التطوعي والساعي إلى مد يد المساعدة بشتى الطرق، تجمع هؤلاء الشبان الذين اختاروا التكتل ضمن مجموعات فايسبوكية، تجمع التبرعات وتنظم الرحلات ومختلف النشاطات، لإدخال الفرح والسرور على قلوب المرضى والمحتاجين وكل من هو بحاجة إلى التفاتة بسيطة يراها من موقعه كبيرة.
هم شبان اجتمعوا عبر الصفحة الزرقاء، كونوا مجموعات خاصة بالعمل التطوعي عبر شبكة الأنترنت، جمعتهم أهدافهم الإنسانية النبيلة ووحدت صفوفهم وكانت دافعهم للقيام بالكثير من النشاطات من جمع التبرعات وتوزيعها، حملات التنظيف، زيارة المرضى، التبرع بالدم.. وغيرها من الأعمال الخيرية التي لا عائد منها سوى زرع الإبتسامة على وجوه المحتاجين والأجر من الله عز وجل، ورغم ارتباطاتهم وانشغالاتهم في مختلف مجالات الحياة، إلا أنهم توحدوا لتقديم يد المساعدة المادية والمعنوية لمن هم بحاجة إليها. وبين البحث عن الصيغة القانونية لتنظيم العمل التطوعي تحت إطار جمعية خيرية، وتفضيل العمل الحر ضمن مجموعات شبانية فايسبوكية، يختلف هؤلاء غير أنهم دون أدنى شك يجتمعون في نفس المبادئ الإنسانية السامية التي ترمي لمساعدة الغير.
تتعدد الأسماء… والهدف واحد
“أيادي الأمل”، “شباب كوم”، “الدنيا بخير”، “الغرباء”، “دير الخير وانساه”… وغيرها، هي مجموعات تطوعية جزائرية، تتكون هذه المجموعات، من شباب أغلبهم طلاب جامعيون، أرادوا أن يكونوا فاعلين في الحياة الاجتماعية، فأعطوا من وقتهم وجهدهم، وحتى مالهم، من أجل رسم البسمة على وجوه من ضاقت بهم الحياة، وكف أيدي المحتاجين عن السؤال، ومساندة كل من لا يملك سندا، وتمثل مجهودات هؤلاء الشباب، والبصمة التي وضعوها في مجال العمل التطوعي، ردا قويا على كل من يتهم أجيال اليوم، بأنهم متأثرون بوسائل العولمة، وبأن هذه الأخيرة جعلت منهم عديمي الوعي، وغارقين في الانحراف، ليثبتوا العكس من ذلك، من خلال وعيهم باحتياجات أبناء مجتمعهم، وما يفرضه عليهم دينهم من واجبات أخوية وإنسانية.
“نحن شباب متطوع لفعل الخير… وليس لدينا أي انتماءات”
و”أيادي الأمل” كما يقول أكرم، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لها، ليست منظمة، أو مؤسسة، ولا جمعية، كما أنها ليست محسوبة على أي حزب، وليس لديها انتماء لأي تيار سياسي، وإنما هي مجموعة من الشباب المتطوعين، انطلقت كغيرها من المجموعات على صفحات شبكة التواصل الاجتماعية “الفايسبوك”، منذ أكثر من سنة، بمبادرة من مجموعة صغيرة لا تتعدى 7 أفراد، كانوا منتسبين إلى مجموعات أخرى، ويضيف أكرم أنه سرعان ما تزايد عدد أفراد المجموعة، من نشاط لآخر، ليصلوا حاليا إلى 1120، يبذل حوالي الـ30 منهم قصارى جهدهم لصناعة الأمل للآخرين، وهذا تحت إشراف أكرم، محمد، وإسماعيل.
وتشترك مجموعة “شباب كوم” حسب ما أوضح زكريا، وهو أحد أعضائها، مع “أيادي الأمل”، في طبيعتها، فهي الأخرى مجموعة شباب متطوع، ذات طابع خيري، تثقيفي، علمي، إلا أن “شباب كوم” تعمل بخبرة ثلاث سنوات في المجال التطوعي، كما أنها -حسب ذات المتحدث- صارت خلال السنة الأخيرة، تقوم بأعمال من النوع الثقيل، على عكس السنوات السابقة، التي كانت النشاطات مقتصرة فيها، على زيارات دورية لمختلف المستشفيات ودور العجزة.
“من أجل شتاء دافئ” عمل حر لتحقيق المطلوب
لا يرغب أعضاء ومؤسسو مجموعة “من أجل شتاء دافئ” الفايسبوكية في تحويل نشاطهم التطوعي إلى جمعية خيرية تعمل في إطار قانوني، وتتمتع بالحقوق الإدارية والقانونية التي تخولها العمل والنشاط دون عراقيل، وهذا الرفض يرجع حسب الآنسة حياة، مؤسسة المجموعة، إلى أن “تسيير الأموال ليس بالأمر الهين، لاسيما أن العمل في إطار جمعية يتيح لهم جمع التبرعات المالية، وهو ما لا يحبذه هؤلاء”.
وفي ذات السياق، ومن أجل تفادي التعامل بالسيولة المالية يقترح أعضاء مجموعة “من أجل شتاء دافىء” قائمة من المستلزمات التي يحتاجونها في كل خرجة ميدانية، ليقوم المتطوعون بإحضار ما استطاعوا لمقر المجموعة الذي يبقى سريا وخارج الإطار القانوني.
وتضيف ذات المتحدثة أن مجموعتها تعمل بالتعاون مع مجموعات أخرى عبر الفايسبوك، حيث تشترك جميعها في التنسيق والتنظيم للقيام بأعمال خيرية مختلفة.
زكريا “شباب .كوم”:” نسعى للحد من الآفات الاجتماعية وتحقيق التكافل”
وفضلا عن هذا يداوم أعضاء “شباب كوم” و”أيادي الأمل” على زيارة مرضى العديد من المستشفيات، دور العجزة، ومراكز الأيتام، وتنظيم حملات تحسيسية حول التبرع بالدم، والأمراض النادرة في الجزائر، إضافة إلى بعض النشاطات الموسمية، مثل جمع الملابس، والتبرع بها إلى الفقراء، وسكان المناطق النائية، توزيع قفة رمضان والأدوات المدرسية على المحتاجين، إفطار رعاة المرضى في رمضان، ومشاركة فرحة عيد الأضحى مع العجزة، الأيتام، أو قاطني دور إيواء المشردين، وكذا إقامة حفلات ختان جماعي للأيتام، ويضيف زكريا أن “شباب كوم”، تسعى أيضا للحد من الظواهر الاجتماعية المتفشية في المجتمع الجزائري، من خلال إعداد برامج لمحاربة هذه الآفات في أوساط الشباب، من خلال حملات التوعية والتحسيس بأضرار هذه الآفات، مثل التدخين والمخدرات، والمساهمة في نشر التوعية ومحاربة الأمية، عقد دورات خاصة لتلاميذ الثانويات، بهدف إرشادهم، وتوجيههم إلى مختلف المعاهد والجامعات، وكذا التعاون والتنسيق مع كافة المؤسسات، الجمعيات، والمنظمات داخل وخارج الوطن، من أجل المساهمة في تحقيق التكافل الاجتماعي، وتنفيذ برامج المساعدات، والدعم للمشاريع الخيرية والإنسانية، كما أن للمجموعة -حسب زكريا- مشاريع أخرى ما تزال قيد الدراسة.
“تمويلنا ذاتي… والعمل الخيري مسؤولية الجميع“
وعلى صعيد آخر، يؤكد المتطوعون أنهم يعتمدون في مختلف الأعمال الخيرية التي يقومون بها على الإمكانيات الخاصة للأعضاء، وكذا تبرعات فاعلي الخير، سواء ممن يعرفون أعضاء المجموعات التطوعية، أو الذين يقرؤون نداءاتهم عبر صفحات الفايسبوك، وفي هذا الصدد يقول زكريا “تمويل مجموعتنا ذاتي، كما أننا نتلقى الدعم من متطوعين، على غرار الناشطين، وبعض أرباب الأموال الذين يساعدوننا سواء بمبالغ مالية، أو سلع”.
في حين يقول أكرم “نعتمد في دعم نشاطاتنا على المقتدرين من معارفنا، فضلا عن تبرعات فاعلي الخير”.
وعن واقع العمل التطوعي في الجزائر، عبر زكريا عضو “شباب كوم”، عن تفاؤله فيما يخص هذا النشاط، باعتبار أن أعداد الفرق والمجموعات التطوعية، في تزايد مستمر، ويضيف “حبذا لو أن هذه الفرق التطوعية تنشأ في ولايات أخرى، على غرار العاصمة، لأنه -ما شاء الله- يوجد في هذه الأخيرة الكثير منها”، كما دعا أكرم الجميع إلى المشاركة في هذه الأعمال الخيرية ولو بالقليل، وعلى حد تعبيره، فإن أبسط عمل يقوم به الفرد مثل زيارة مريض، هو ضمن العمل التطوعي، كما أنه في مقدور الجميع القيام بمثل هذه الأعمال البسيطة، التي لا تكلف جهدا ولا مالا، ويقول في السياق ذاته “على كل فرد منا أن يعي مسؤوليته تجاه من حوله، وقبل أن نحاسب المسؤولين، علينا أن نراجع أنفسنا، ونقوم بمسؤولياتنا وواجباتنا الأخوية والدينية، تجاه بعضنا، في إطار استطاعة كل منا”.
لمياء. ب